علاقتي الزوجية إلى أين؟

استقراء العلاقات الاجتماعية عمومًا، والعلاقة الزوجية خصوصًا، وكيفية سيرها واتجاهها، واستشراف استقرارها وازدهارها مستقبلًا أمر مهم، يسهم في رفدها بما يقويها وتجنب ما يسبب المنغصات والانتهاء بضعفها، فأي محطة يشعر فيها الزوجان أو أحدهما بفتور في العلاقة أو وجود خلاف أو تشنج ينغص حياتهما، يمكنهما التعامل معه بذكاء ووعي من خلال التفاهم والحوار المفضي إلى التقليل من تأثيره على ودهما وهنائهما حتى زواله، وإغماض العين والتغافل السلبي عن وجود خلل في علاقتهما يتحول مع مرور الأيام إلى تراكم سلبي وعامل توتير في علاقتهما في أي موقف أو احتكاك يقع بينهما مستقبلًا، فكيف لنا أن نضع ذاك المؤشر والمعطى الذي يقرأ سير علاقة الزوجين؟ ففي منطقة توتر وصلت؟ أم أنها وصلت لمراحل متقدمة تتطلب منهما المسارعة إلى وضع الحلول الممكنة؟

مما لا شك فيه أن دوامة الخلافات والنقاشات الحادة وحالات الزعل والصمت المتعقبة لذلك، هي أهم المؤشرات التي تدل على اتجاه العلاقة نحو التوتر العالي وقد تصل إلى الانفصال، فتجاهل أسباب المشكلة وترك معالجتها تجعلها بؤرة توتر تبقى معهما بارزة وحاضرة بقوة في أي تأزم مستقبلي، فهناك مستوى طبيعي لحدوث أي خلاف أو نقاش عقيم بين الزوجين لأي سبب كان، ولكن التوقف عنه والاعتذار عن الإساءة والتجاوز بحقه يعيد علاقتهما لتألقها وذلك لشعور الشريك الآخر بمحبته واهتمامه بأي أمر يضايقه أو يسلبه راحة البال.

ولكن المشكلة تكمن في روح العناد والكيدية أو الرغبة في تسجيل انتصار وهمي على الآخر، مما يدخلهما في دوامة من المشاجرات أو ما هو أخطر منه وهو تجاهل الآخر في مشاعره ووجوده، فيلجأ إلى الصمت وتجنب أي حديث معه لئلا تتجدد المشاجرات، فطلب الهدوء يراه في الابتعاد عنه!

التفاعل الحيوي بين الزوجين له أثره الإيجابي الكبير في انسجام وتقارب الزوجين فكريًا وعاطفيًا، فالأحاديث المتبادلة وعرض وجهات النظر ومناقشتها يحدث أنسًا ومساحة من التفاهم بينهما، بخلاف ما لو كان كل واحد كالصندوق المقفل يحتفظ بآرائه وتوجهاته وأسراره فيخفيها عن شريك حياته، مما يحدث حينها فجوة وجفوة في علاقتهما ويمحي ويخفي مساحة الثقة المتبادلة التي تسعفهما في مواجهة المحطات الصعبة الملتهبة في حياتهما.

ومبدأ الاحترام لوجود وفكر ومشاعر شريك الحياة يعد قيمة عالية في العلاقات الزوجية الناجحة والسعيدة، والتجاوزات المتتالية بلا توقف على شخصيته وعدم وضع اعتبار لكرامته، من خلال الصراخ عليه أو شتمه وشتم أهله أو استنقاص قدراته أو استصغار شخصيته أمام الآخرين، سيكون بداية إعلان لفراق يقع بينهما في أغلب الأحيان.

ومن عوامل الهدم للعلاقة الزوجية هو فقدان بريق علاقتهما وتألقها وافتقادها لعلامات الجاذبية، من جهة فكره الواعي وسلاسة حديثه في استعراض الأحداث والمواقف ودقة آرائه وتحليلاته، أو من جهة رقة عواطفه وكلماته الرقيقة، أو من جهة اهتمامه وعنايته وشعوره بشريك حياته في اهتماماته وهمومه، فكل واحد له إيجابياته التي تحدث له مكانة ومحبوبية عند الغير، وأما سلبياته فيمكن تنبيهه عليها والهمس في أذنه بآثارها السلبية.


error: المحتوي محمي