الكورة.. كائن اجتماعي!

كرة القدم كانت ومازالت محط اهتمام الأجيال، فكرتها الأساس التي تختمر في الأذهان “تمبَة وتسلية”، لكن شعبيتها “المليارية” جعلتها صناعة اقتصادية غير بعيدة عن السياسة واحتراف رياضي مُعقَّد، حضورها الاجتماعي عميق ومؤثر.. وعليه لها في الذكريات أحاديث، بمناسبة كأس العالم بعد أيام في روسيا؛ تحضر الاسترجاعات من عمق الذاكرة، قد لا تُشَكِّل أهمية للبعض.. لكنها تهم الكثير.

“مونديال” عام “١٩٧٨م” في الأرجنتين، من أعمارهم بين “الخمسين والستين” عايشوه بحماس، البث “نص الليل” لفارق التوقيت، المواصلة دون نوم حتى الصباح لم يكن مألوفًا واعتياديًا، لكن الشباب فيهم حماس وعنفوان ورغبة جامحة؛ “يعتمون ليشاهدون” بعضهم من أجل بطله المفضل كهداف البطولة الأرجنتيني الخنافس (شعره طويل) النجم “ماريو كمبس”، لكن الكهرباء تخيب الآمال “ماهِي متسَنعَة وتنقطع بدون ضمير”، غالبًا لخلل في (الحَطَبَة العامة) فيخرج “الناس للطرقان” للاستطلاع حتى يعود “الكهرب” لكنهم يستمتعون بتواجدهم الودي، كأنه انقطاع الـ”واي فاي” وخروج فتيان هذه الأيام من جحورهم (حجراتهم) لاكتشاف دارهم ومعرفة من يساكنهم فيها!

“يوم فاني العصر تصير لمَّة لصبَيَّان” مع فاكهة المجالس “لعيَا” (الجدال) لإبراز العنتريات في حديثهم الفني و”الخطط التكتيكية” (لم يكن حينها أستوديوهات تحليلية)، بالمناسبة: ينقل نجم كروي قطيفي (لعب وقاد المنتخب) في السبعينيات والثمانينيات متحدثًا عن صغار هذه الأيام، كنت انتظر في الخباز العربي وإذا بفتيان يتحدثون وأنا ساكت “أصطاخ” (هم لا يعرفوني لفارق الأجيال)؛ يشرحون “مباريات أوروبا” بنقد وتحليل ممتاز فوق أعمارهم!

بعد أربعة أعوام “١٩٨٢م” أسبانيا على موعد مع التميز، وافقت البطولة “شهر رمضان” في إجازة الصيف والمشاهدة بعد الإفطار، تفاعل ذات الجيل متابعةً وتشجيعًا بحماس أكثر عند اجتماعهم المتنوع وفي “الدكاكين” العامرة بالرواد أكثر من “الشَرَّايَة”، الكهرباء “تَسَنَّعَت وتأدبت” فانقطاعها نادر جدًا، كان حضور منتخب البرازيل الأسطوري (إلى اللحين ما جابت ولا بتجيب زَيَّه) حيث “سقراط” و”زيكو” و”فالكاو”، حصلت متابعة بطعم ومذاق لم يتكرر، لكن إيطاليا خطفت البطولة بعد إزاحة البرزايل من الدور الثاني خلاف التوقعات فقد صعد نجمها “باولو روسي”؛ تلك حسرة على الفريق الحلم وشعبيته العالمية، مازالت تقهر عشاق الـ”سامبا” حتى يومنا هذا!


error: المحتوي محمي