أن يعانق الإنسان الصمت، في انتعاش الإدراك، وعيًا، لكل حيثيات حياته، فإنها الحالة السعد، التي يكون فيها -الإنسان- في ذروة العنفوان، متلذذًا بالصمت الجميل. تأتي الحياة بمجملها، حُبلى بالمنغصات، بالمواقف اللامنطقية، العلاقات الاجتماعية، ألوانها المختلفة، ليسمو الإدراك في مجرياتها، مما يجعله -الإنسان- تعلو ابتسامته، بكونه يعيش أنس الفكرة، الموقف، معطياتها، دواعيها.
لذا الاطمئنان يعد مقومًا أساس من مقومات الشخصية الإنسانية، التي تبصر كل الضوء، وإن خبا، بأنه شيء جميل. إن استجداء الفكرة الحسنة، الكلمة الطيبة، اللحظة، لون من ألوان النضج الثقافي والاجتماعي والأدبي.
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته “كن بلسمًا”: “كن بلسمًا إن صار دهرك أرقما/ وحلاوة إن صار غيرك علقما/ إن الحياة حبتك كل كنوزها/ لا تبخلنّ على الحياة ببعض ما/ أحسن وإن لم تجز حتى بالثنا/ أيَّ الجزاء الغيث يبغي إن همى”. بلسمًا، تأتي، لتشير ضمنيًا إلى حالة الاطمئنان، الراحة، مرورًا بمرحلة الإدراك والوعي، حيث إنه كلما زاد الإنسان وعيًا وإدراكًا، كلما جاء مطمئنًا وقنوعًا، مبتسمًا، بعيدًا كل البعد عن القلق الذاتي.
تظل القصيدة الشعرية، الأدب بكل فنونه وألوانه، ذائقة الإنسان العربي، يعيشها لغة، تختزل الجمال، تبعث في الروح، نبضاتها، تأخذه تيهًا جماليًا، يقظة، لتكون البلسم، يٰرخي القارئ محياه، ليعلو ألقًا.
إن البذل والعطاء، لا يقترن بالمدح والثناء -من الضرورة بمكان- هو الراحة النفسية، تحقيق الذات، شعور -الإنسان- بأنه خادم لمجتمعه، يتشرف بهذه الخدمة التي تجعله يرتقي بذاته، يستأنس، حين يبصر الآخر متألقًا، متميزًا، يعتلي القمم الشماء، ليسعد به.