قدم المهتمان الدكتور أحمد آل بزرون وفايز الضامن تقريرًا يسلط الضوء على تاريخ المساجد في مياس والدبابية، استعرضا فيه بعض الصور والوثائق كشاهد يوثق تاريخها.
ويعد مياس والدبابية من الأحياء التراثية التاريخية التي لا تزال قائمة في مدينة القطيف، وما زالا يحتفظان بالكثير من المباني والآثار التي كانت ولا تزال تشكل شاهدًا حيًا على البعد التاريخي للمنطقة.
واهتم الضامن بتتبع تاريخ وتراث مياس، وهو الحي الذي ولد وترعرع فيه، فكان له نصيب في الاطلاع على وثيقة تاريخية نادرة عمرها قرابة ٢٥٠ سنة، والتي تؤرخ لأوقاف تتبع لمساجد المنطقة، حيث شاهدها عند أحد رجالات مدينة سيهات.
ويقول “الضامن”: “بعد أن اطلعت على الوثيقة، احتفظت بصورة منها وقمت بعرضها على الدكتور أحمد لأنه هو الآخر مهتم بالأمر، وكذلك عنده مهارة في قراءة الخطوط القديمة لمثل هذه المخطوطات، وبعد الوقوف على تفاصيل الوثيقة قمنا بجولة ميدانية وثقنا فيها صورًا لهذه المساجد”.
من جهته، قال الدكتور أحمد آل بزرون: “هذه الوثيقة كتبت بأمر من “الزاير علي” في عام ١١٩٢ هجرية، والذي أوقف سهمًا من نخل “عانة البدعة” في مياس، ليكون ذلك السهم وقفًا على مسجدين أحدهما في الدبابية والآخر في مياس”.
وأضاف “آل بزرون” أن الوثيقة ذكرت في تفاصيلها وتوصيفاتها ٣ مساجد، منها اثنان في مياس والثالث في الدبابية، إلا أن الواقف خصص سهم النخل وقفًا على مسجدين منها، وهما لا يزالان قائمين ولكن ربما يعرفان بأسماء أخرى جديدة.
وتابع: “مسجد المزار بالدبابية المذكور في الوثيقة لا يزال قائمًا ومعروفًا بهذا الاسم، والبعض يسميه باسم مسجد الشيخ محمد حسن، نسبة للمرحوم الشيخ محمد حسن بن الشيخ منصور المرهون “رحمهما الله”، والذي كان يؤم الجماعة فيه لسنوات عديدة قبل وفاته رحمه الله”.
واستطرد: “وفي مياس هناك ٤ مساجد في الوقت الحالي، هي: مسجد علوي، ومسجد ابن يوشع، ومسجد أم البنين، ومسجد الإمام زين العابدين عليه السلام، وقد أشارت الوثيقة لاثنين منها ثم عينت المسجد الغربي منها وخصته بسهم من الوقف المذكور”.
وأشار إلى أن المسجد الغربي من مسجدي مياس المعروف يومئذٍ بـ”مسجد السدة” كما نصت الوثيقة، هو أحد المسجدين القائمين في سوق مياس حاليًا في الجهة الغربية من الحي، وهما مسجد أم البنين ومسجد الإمام زين العابدين عليه السلام، حيث أعيد بناؤهما وعرفا بأسماء جديدة.
وأوضح أن مسجد أم البنين “عليها السلام”، وسابقًا كان يعرف باسم “مسجد العانة” و”مسجد الدالية”، وقد أعيد بناؤه ولا يزال قائمًا، وسمي مسجد العانة نسبة لعانة البدعة، وهي المنطقة المذكورة في الوثيقة، وعانة تعني باللهجة المحلية مجرى الماء أو مكان تجمع سواقي الماء التي تسقي النخيل”.
وقال: “وهناك أيضًا مسجد الإمام زين العابدين “عليه السلام” في مياس، ويعرفه البعض بمسجد الشيخ مدن نسبة لإمام الجماعة سماحة الشيخ مدن آل فتيل “حفظه الله”، وهو المسجد المعروف في سوق مياس وكان يعرف سابقًا بالمسجد البراني، وقد أعيد بناؤه مرات عديدة”.
وأضاف: “حصلنا على صورة للبناء القديم للمسجد قبل ما يقارب ٥٠ عامًا، من المصور محمد عبد الرسول الغريافي (أبو حسن)، والذي التقط هذه الصورة لسوق الخميس من فوق منزله في أحد أيام الخميس سنة ١٣٨٧ هجرية (1968)، ويظهر فيها المسجد وبجواره بناية آل عاشور التي لا تزال قائمة ليومنا هذا بنفس البناء، كما تظهر الصورة ازدحام سوق الخميس في مكانها الأصلي القديم في مياس قبل أن ينتقل لمقره الجديد المعروف حاليًا بسوق الخميس، فيما أصبحت السوق القديمة تعرف بسوق مياس، وبعد هذا البناء الموجود في الصورة تمت إعادة البناء مرتين، وعرف حديثًا بمسجد الإمام زين العابدين عليه السلام”.
وأوضح أن هذا المسجد يشهد في ليالي القدر سنويًا أكبر تجمع من نوعه في المنطقة لإحياء أعمال ليلة القدر، حيث يتوافد فيه الآلاف لإحياء ليلة القدر ليمتلئ الطريق الممتد من حي المدارس إلى قرب مغتسل الدبابية.
وعن تفاصيل الوثيقة، قال “آل بزرون”: “ذكرت اسم واقف سهم النخل، حيث كُتب فيها (الرجل الأكرم الزاير علي بن عبد الله بن معمار)، وهو جد أسرة الزاير الكرام من أهالي القطيف، وقد قام بتحرير الوثيقة شخص كتب في ذيل الوثيقة (وجرى باليوم الرابع من شهر ربيع الثاني سنة ١١٩٢ الثانية والتسعين بعد الماية والألف حرره الأقل نور الدين بن محمد علي)”.