أكد الناقد عباس الحايك أن مخرج فيلم “أبو ناصر” اعتمد على تنويع اللقطات وأحجامها، ولم يتوقف عند كادر واحد، بل حاول تغيير الزوايا والأمكنة بهدف كسر الجمود البصري ومحدودية اللقطات في الورشة.
جاء ذلك خلال عرض ومناقشة الفيلم الوثائقي “أبو ناصر” للمخرج سعيد الجيراني، في جمعية الثقافة والفنون في الدمام، بدعوة من الهيئة العامة للثقافة بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وهي الجلسة التي أدارها مسؤول العلاقات العامة بالجمعية عبد الله الحسن، بحضور المخرج سعيد الجيراني، والمصور حسن الجيراني.
وفي نهاية الجلسة النقاشية وبعض المداخلات، كرم مدير الجمعية يوسف الحربي ضيوف الجلسة والشخصية الرئيسية في الفيلم.
وقال “الحايك” خلال الجلسة: “في الفيلم يسرد أبو ناصر سيرته منذ الشباب وحتى وقتنا الحالي بمرح بالغ، يضفى على الحكايات التي يسردها ظرافة تبعًا لشخصيته المرحة الملحوظة، فلم تترك عليه المعاناة أي ملامح حزن، بل بدا منطلقًا محبًا للحياة، وهو ما أعطى انطباعًا مريحًا عن الفيلم، وهذا مهم جدًا في اختيار الشخصية البورتريه للفيلم الوثائقي. لم يأخذنا أبو ناصر إلى عالم حكاياته بشجن كما هي العادة في من يجرفهم الحنين للماضي أثناء لحظات التذكر، ولكنه سحبنا إلى عالمه عبر طاقة المرح والعفوية، حتى وهو يسرد حكاية خسارته يده، رغم وجعها وتراجيديتها”.
وأضاف: “الفيلم يعيبه طوله، فثلاثون دقيقة تبدو طويلة في مثل هذا النوع من الأفلام التي تغيب عنها اللقطات التي تعوض الجانب السردي أو تحضر الأمكنة والشخوص لتضفي حيوية على الفيلم وسلاسة تجعل الثلاثين دقيقة تمر سريعة ممتعة بقدر ما فيها من مواقف، فكان حديث أبي ناصر في ورشته يحتل الجزء الأكبر من الفيلم ولم يخرج من هذا الإطار إلا في المشاهد التي غادر فيها إلى البحر، أو باللقطات الأرشيفية التي استخدمها المخرج”.
وتابع: “في جانب آخر، غابت عن الفيلم اللقطات التي تعطينا انطباعًا كمشاهدين عن علاقة أبي ناصر بالناس وعلاقته بالمكان، فلا أثر سوى له ولأدواته وخشبه، وكنا بحاجة كمشاهدين أن نتعرف أكثر على الناس حوله، إضافة لغياب أثر المكان، فلا حضور لسنابس سوى عبر صور أرشيفية عابرة، لم نشعر بتلك العلاقة الحميمية سوى عبر سرده، لم تأخذنا الكاميرا لتقدم لنا تشخيصًا بصريًا لهذه العلاقة، لم نشعر بعلاقته ببحر سنابس، وتحولاته، لم نشعر بعلاقته بالشوارع والأزقة والناس، بل كان الكلام وحده سيد الموقف”.
وأكد “الحايك” أن الفيلم الوثائقي يملك قوة التأثير والانتشار الجماهيري، وذلك يرجع إلى ثرائه التعبيري، ويعتمد على الواقع وسيولة إدراكه من قبل المتلقي لأن “الأفلام الوثائقية جزء من وسائل العالم التي لا تساعدنا فقط على فهم عالمنا، ولكن على استيعاب دورنا فيه، والتي تشكلنا بوصفها وسيلة اتصال جماهيرية، بمعنى أن الفيلم الوثائقي عبارة عن سلسلة ثقافية، يحمل في جوهر مادته العامل المؤثر القادر على تغيير القيم الفكرية والأخلاقية التي تحكم سير ركب مجتمع ما، وهذا ما أكده ريتشارد أوفرها يدي في قوله: إن الأفلام الوثائقية أداة تواصل مهمة في تشكيل الواقع فهي تجذب وترفه عن المشاهد”.
فيلم “أبو ناصر” ينتمي لأفلام السيرة الذاتية، أو يمكن أن يصنف من أفلام الملامح الشخصية أو البورتريه حسب تصنيف المتخصص في الأفلام الوثائقية الأمريكي ميتشل بلوك، وهي الأفلام التي تدور حول إنجازات خاصة لشخصية ما، أيًا كان اختصاصها.
ويسرد الفيلم حكاية أبو ناصر، وسيرته الذاتية، واهتماماته والمواقف التي عايشها في حياته المهنية، وتكمن أهمية هذه السيرة في كونها انعكاسًا لسيرة جيل عايش بدايات شركة “أرامكو” والتحولات التي طرأت على المجتمع، وهي تحولات اجتماعية واقتصادية ووظيفية، حيث انتقل العديد من أبناء المنطقة من ممارسة مهن وحرف كالصيد والزراعة إلى موظفين في الشركة الوليدة، وما تبعها من تبدلات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.