هنا من بين طيات وأروقة المستشفى أتتبع كل الصيحات، وأسمع كل أنين. أنين بتأوه، وأنين بصراخ، يستجدي أي قلب رحيم يرحم خلطات تلك الألم التي تعصف بداخل كل مريض استلقى بجسده على تلك الأوشحة البيضاء يتمنى أن يُرحم من هذه الآلام.
أي آلام هذه التي تعصف بكيان ذاك القابع في السرير أمامي، وأنا لا حول لي ولا قوة غير تقديم الشيء البسيط، أمسك الجرس وأنادي لعل قلبًا يرحم شدة عواصف هذه الآلام، لكن دون جدوى.
اضطررت إلى الكذب على مريضي بأن أعطيه جرعة المسكن كي ينام، يغلق عينيه على هذه الكذبة.
نحن كلنا نعلم وبصدد قضية كبيرة قد يغفلها الكثير، وهي قضية آلام السكر، قضية لا يعلمها ولا يقدرها إلا الذي يعانيها.
سؤال يحيرني؛ لماذا هذه الفئة ملَّ الجميع من مساعدتهم، لماذا لا يكون لهم الحظ في العناية كباقي الآخرين.
أنا أًم وأعيش هذه المعاناة، ابني يصرخ، يتألم، يريد مساعدة في جوف الليل أو وسط النهار، وكل ما ترينه إهمالًا في إهمال لهم، ذاك المستشفى يقول لك لا يوجد سرير، أو لا يوجد لك حل، وفي المستشفيات الأخرى تصرف المصاريف فوق إرادتك، والإهمال موجود.
كلنا يعلم أن الممرضات يصيبهن الملل من رعاية أصحاب فقر الدم، وهذا ما أعيشه، لي بين جدران المستشفى مع ابني ما يقارب أربعة عشر يومًا، لا أقول إن المستشفى سيئ أبدًا، لكن خدمة بنات بلدي ومنطقتي هي السيئة.
الأجانب أحن على آلام ابني، أحن على دمعتي، وبناتنا فقط يعملن لأنفسهن وبتكاسل، ليس لديهن المسؤولية، أكثر من تجربة في معظم المستشفيات، دائمًا وأبدًا من يوصل وضع المستشفى إلى الانهيار بنات البلد.
ابني يصرخ والجرس يعمل وأنا أنادي وهن لا حياة لمن تنادي، إلى متى هذا الاستهتار يا بنات البلد.
والله ثم والله إن الأجانب أكثر رأفة وأكثر حنية على هذه الفئة بالأخص، ارحموهم يكفي ما يعانوه وأنتم تزيدون الطين بلة، وبلا خير هذا واجبك وعملك، ووجب عليك الالتزام والوفاء بعهودك، أمام الله.
وأنا أقف لأقول: ارحم ترحم، واوتعين يا بنات البلد إلى ما يجول بين أيديكن فهذه أرواح مثلكن، افهمن تعبهم وتعب أمهاتهم.