الوجه المظلم لجدة

الفصل الأول
في إحدى الليالي الهادئة ، هربت ظلال خاوية من الإنسانية من إحدى بيوت رجال الأعمال في مدينة (جدة) العريقة بهدوءٍ مخيف.

ذلك البيت الفخم ، المكون من طابقين وحديقة جميلة ، كما زين فناء المنزل بأرقى أنواع الورود .

لكن ،،، هُتك جمال الحديقة الجميلة بسيلان دم رجلٍ لطالما ذُكر اسمه في الصحف المحلية والخليجية ، اسمٌ عرف عنه الخير ومساعدة الناس ، لم يسلم من الغدر حتى في معقر داره ،، نعم إنه رجل الأعمال (مازن).

( الاسم مازن عبدالله ، العمر 57 عاماً ، سبب الوفاة طعنةٌ في الصدر سببت نزيفاً حاداً ، سلاح الجريمة سكين )، هذه آخر التحريات سيدي المفتش .

بعد بذل مجهود لابأس به من قبل رجال الشرطة ، تمتم أحد المحققين بنبرةٍ حادة :
( إنها جريمة مثالية حقاً ) .
(لا ، لابد أن المجرم قد ترك دليلاً خلفه ، لاتوجد جريمة مثالية أبداً).
توجهت الأنظار مباشرةً نحو الباب ، فنادى المفتش (ماجد) بحماس :
المحقق (أمجد) ، لم كل هذا التأخير ؟! .
(المفتش ماجد ، 47 عاماً ، معتدل القامة ، ثقيل الوزن ) .
– اعتذر عن التأخير سيدي المفتش ، كلفوني بالحضور قبل قليل .
(المحقق أمجد ، 29 عاماً معتدل القامة ، خفيف الوزن والظل ) .
– – لندخل في صلب الموضوع يا (أمجد) , وُجدت الجثة هذا الصباح في الساعة 8:30 وهو وقت احتساء قهوة زوجة الضحية في الحديقة ، عمره 57 عاماً ,وهو رجل أعمال شهير وجد مطعوناً في صدره، مات بعد تلقي الضربة مباشرةً ،سلاح الجريمة سكين المطبخ , يقدر وقت الوفاة الساعة 10:30 م .

– وماذا عن أقرباء الضحية ؟ .
– كان في المنزل الزوجة (ريام) ،والابن (أحمد) ، وعدد من الضيوف للسيد ( مازن ) .
تنهد (ماجد) ثم وضع رجلاً على رجل وأكمل :
زوجة الضحية ( ريام ) ، هي الفرد الثاني في العائلة ، عمرها 54 عاماً ، هي أول من اكتشف الجثة ، كانت مع زوجات الضيوف أثناء حدوث الجريمة .

أما (أحمد) فهو الفرد الثالث والابن الأول في العائلة ، وهو المدير التنفيذي لشركة والده ، كان مع الضيوف اثناء حدوث الجريمة ،.
وهنالك أيضاً (سارة) الفرد الرابع والابن الثاني في العائلة ، عمرها 26 عاماً ، كانت في نزهة مع زوجها منذ يومين )
الخادمة (مها) الفرد الأخير في العائلة ، عمرها 44 عاماً ، تخدم في المنزل منذ 12 سنة ، أرملة ويُشهد لها بحسن السيرة والسلوك ، كانت تعد الحلويات وقت ارتكاب الجريمة .

ولدينا أيضاً الضيوف ( إبراهيم ، ويحيى ، و محمد ، و شريف ، ونادر ) ، وهم رؤساء الأقسام في الشركة ، كانوا جميعاً في غرفة الضيوف وقت ارتكاب الجريمة ، إلا أن يحيى قد غادر للتدخين قبل دقائق من وقوع الجريمة ، هذا اخر ماتوصلنا إليه يا (أمجد) .
-يبدو أن المكان مراقب بالكاميرات سيدي .

– أجل .
– حسناً ، أريد مشاهدة تسجيل الكاميرات قبل وقوع الجريمة بنصف ساعة .
– لك ذلك .
وبعد عرض تسجيل الكاميرات على شاشة (60 بوصة) كما هو معتاد في ذلك المنزل الفخم ، لاحظ المحقق ( يحيى) وهو يستعمل هاتفه أثناء التدخين ، وحركة الكاميرات الغريبة التي باعدت صورتها عن موقع الجريمة فقط ، فنادى على (ماجد ) :
أريد ملف (يحيى) حالاً .
-حسناً ، أيها الشرطي أجلب لنا ملف (يحيى) بسرعة .
= حاضر سيدي .
أكمل (أمجد) : اذاً ، ماهي مناسبة هذه العزيمة ، وهل المعزومون بينهم وبين ( مازن ) أي توترات ؟ .
أجاب (أحمد) :
تقام هذه الحفلة سنوياً بمناسبة تأسيس الشركة ، وتضم كبار الشركة فقط ، وعدد من الأصدقاء المقربين ، غير أن بعض المدعوين اعتذروا عن الحضور لتقلبات الجو ، والحالات المرضية .
ساد الصمت مدة ليست بأكثر من دقيقة ، حتى قطع أحد الابطال الصمت :
سيدي المفتش ، هاهو ملف ( يحيى) .
-أحنست .
( عمره 36 ، متزوج ولديه 3 أولاد ، حاصل على شهادة الماجستير في البرمجة والحاسب ، متقن للغتين بعد لغته الأم العربية ( الإنجليزية ، والالمانية ) ، وهو مدير شركة (الحاسب الشرقي) للبرمجة ) .
همس ( أمجد ) بنصر :
أمسكنا بأول الخيط بقي آخره .
في الأثناء أقبل شرطي مخاطباً ( ماجد) :
سيدي وجدنا بعض الحلويات محترقة وملقية في سلة مهملات المنزل .
قطع كلام الشرطي حبل أفكار ( أمجد) ، حينها صاح بحماس :
هذا هو ، (ماجد) ارجوك اجمع كل من كان في ليلة الجريمة في أسرع وقت .

الفصل الثاني/
هل عرفت القاتل يا ( أمجد ) ؟!.
-نعم يا ( ماجد) ، فقط اسرع .
وبعد اجتماع الجميع ، بدأ (أمجد) بالكلام فنبرة واثقة وحادة :
هنالك من الحضور من عيّن نفسه قاضياً فحكم على (مازن) بالموت ، الرجل الذي يتصدر اسمه الصحف المحلية والخليجية ، هاهو الآن مسجى في ثلاجة الموتى والقاتل لازال حراً طليقاً ، لكن إلى أن تنتهي هذه الجلسة .
هذه هي سنة الحياة ، تملك من المال ماتملك ، ومن القصور ماتملك ، لكن لن يدفع كل هذا عنك الموت أبداً ، لأنه مكتوب في اللوح عند رب العباد .

أليس كذلك يا … ( يحيى ) ! .
تفاجأ هذا الأخير ورد متلعثماً :
ماذا ؟! .، هل تتهمني بالقتل ؟! .
-أجل ، بعد أن خرجت بحجة التدخين ، استطعت بواسطة هاتفك اختراق نظام الكاميرات في المنزل ، وقمت بتحريك جميع الكاميرات عن موقع الجريمة ، وقليلاً من الكاميرات الاخريات حتى لا يُشك فيك ، ثم أرسلت الإشارة إلى المجرم الآخر الذي تحرك لموقع الجريمة ويغدر بالسيد بدمٍ بارد . الأخير الذي خرج من غرفة الضيوف بحجة عمل ضروري لن يكلف أكثر ساعة خارج المنزل ، إلا أن السيد تفاجأ بوجود المجرم الآخر ، ولم يتوقع أن أحداً من أفراد بيته هو من أحد أعدائه .

ضحك (يحيى) باستهزاء وقال بتهجم : مسرحية كتبت بدقة !، مادليلك على أني هو الفاعل ؟!
تنهد ( أمجد ) ثم قال بتعب :
أنت مبرمج حاصل على شهادة الماجستير في البرمجة ، لكنك أخطأت حين لم تباعد صورة الكاميرا التي تصورك ،، وتصور أيضاً مشهد الجريمة ، كنت ترى المشهد أمامك بوضوح ولم تحرك ساكناً لماذا ؟! .
انهار ( يحيى) وسقط على الأرض باكياً بندم ، أما ( أمجد ) أكمل قائلاً :
أما المجرم الثاني الذي ارتكب الجريمة بدون رحمة هو ،،
قاطعه صوتٌ خلفه ادهشه و لفت أنظار الجميع إلى صاحبه :
(نعم ، انا من قتلت (مازن) ، بعد أن أغراني ( يحيى ) بالمال) ،هكذا بدأت الخادمة الكلام ، ثم أكملت :
ابتزني باختلاس بعض الأموال من السيد عبر اخباره ببراءة عن عطل في أحد الأجهزة ، وافقت فقط لكي لا يكشف أمري ، لكنني في النهاية وقعت في أمر أكبر من الاختلاس بكثير !.
بادر رجال الشرطة بالقبض على المجرمين، واأثناء خروجهم قطع أحدهم صمته المحزن ، وقال بصوت مرتجف :
بعد مقتل زوجي لا أرى في الحياة أي معنى ، هاهو الشيب قد ملأ رأسي والتجاعيد بدأت بالظهور في وجهي ، لن أسامحكم أبداً على قطعكم آخر من اتمسك به في الحياة .

( رجل أعمال يلقى مصرعه في منزله )
تصدر هذا العنوان أحد الصحف المحلية ، قرأ ( أمجد) الذي أخذ إجازة الأخبار بملل ، وفي تثاؤب وقعت عينه على سطر جعله يعتدل في جلسته و بحدق به لمدة ، حتى نهض مسرعاً لهاتفه متصلاً على صديقه ( ماجد ) ، ليرد الأخير بعد الترحيب :
اتصالك فاجأني ياعزيزي ، أخبرني مابك ؟!
-(ماجد) ماهو صحة خبر تورط (مازن) في عملية غسيل أموال؟!
-لقد وصلك الخبر أخيراً ، نعم هذه اعترافات ( يحيى ) الأخيرة .

تورط أحد (هوامير) الأسهم في عملية (غسيل أموال) والمذنب في العالم الآخر … يتبع .

——————————-
قصة قصيرة للطالب في مدرسة النجاح الثانوية بالقطيف
حسين محمد الدبيسي
القصة حققت المركز الثالث في فرع القصة القصيرة في المنافسات الأدبية المركزية على مستوى المنطقة الشرقية للعام الدراسي ١٤٣٨ هـ / ١٤٣٩هـ


error: المحتوي محمي