أُصبوحةٌ في مكتبةِ العلامةِ الفضلي
القسم الأول (١)
– اقترب موعد الزيارة
كنا ننتظرُ بشوقٍ تحديدِ موعدِ زيارتناِ للمكتبة الشخصية للعلامة الشيخ الفضلي -عليه الرحمة – وكان المنسق لزيارتنا المرتقبة ابنه المرحوم المهندس الأستاذ فؤاد ..
وكان ذلك في أصبوحةِ أحد أيام شهر رجب الأصب لعام ١٤٢٦هـ
وكنتُ برفقة الإخوة الأعزاء:
– من الجارودية الأستاذ علي أحمد الأصيل
-ومن القديح الأستاذان: عبد الغني أحمد العرفات، وهو الآن من طلبة العلوم الدينية يدرس في النجف الأشرف
-وحسين منصور الشيخ.
أدخلنا المهندس فؤاد – عليه الرحمة – منزل سماحتِه مرورًا بحديقةٍ جميلة مرتبة ترتيبًا رائعاً في وسط المنزل تتدلى على سقفها الخشبي شجرة عنب عربي قد أسماها شيخنا الفضلي «كرمة ابن هانىءَ»
في نهايتها باب خشبي مشبكٍ يؤدي بنا إلى المكتبةٍ التي أسماها ببيت الحكمة.
دخلنا فإذا سماحته بابتسامته المعهودة ينتظرنا ..
ألقينا السلام والتحية على سماحته وطبعنا على رأسه قبلة الاحترام
رد علينا السلام بأحسنه.
امتلأتْ نفوسنا غِبطةً وفرحًا لهذه الزيارة الموفقة التي انتظرناها منذ زمن بعيد ..
أخذت أعيننا تتجول بسرعة خاطفة على المكتبة ومحتوياتها، لنسترق النظر إلى عناوين بعض الكتب، وكيفية تصنيفها وترتيبها.
أجلسنا سماحته في وسط المكتبة حيث كراسي الزوار ..
– برنامج الزيارة
وبدأ برنامج الزيارة الذي قُسِّمَ إلى ثلاثة أقسام بشكل عفوي …
وسأقتصرُ – في هذه الخاطرة السادسة – قارئي العزيز على القسم الأول من برنامج الزيارة فقط
كي لا أطيل عليك
بدأ القسم الأول: بحوار الأستاذ حسين منصور الشيخ للعلامة الفضلي حول كتابيه:
-(التربية الدينية )
– و(خلاصة المنطق)
أخرج الأستاذ الشيخ أوراقه المعدة سلفًا وبدأ حواره مع العلامة حول كتابه (التربية الدينية)
إذ يُعَدُّ أول كتاب ألفه شيخنا، عليه الرحمة، في سلسلة مؤلفاته المتنوعة، وقد كتبه للمدارس الأهلية المتوسطة التابعة لمنتدى النشر بالنجف الأشرف، التي كان يشرف عليها أستاذ علامتنا الفضلي الفقيه المجدد الشيخ محمد رضا المظفر، عليه الرحمة.
الجدير بالذكر أن شيخنا الفضلي (ره) ذكر في حواره مع الأستاذ الشيخ بأن المرجع الأعلى في النجف آنذاك (الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم، عليه الرحمة، المتوفى ١٣٩٠ﻫ) كان قد ساعد على طباعته الطبعة الأولى.
ثم قام المرجع الحكيم أيضًا بطباعته عدة مرات ليوزع مع رسالتة العملية للمقلدين له ككتاب مبسط عن أصول الدين والمعارف الإسلامية العامة
بل أصبح مقررًا دراسيًّا في مكتبات المرجع السيد محسن الحكيم (قده) في أنحاء العراق في الدورات الصيفية الدينية.
كما أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر، عليه الرحمة، قد ساهم في طباعته، أيضًا.
وقد سمعتُ من الشيخ الفضلي نفسه في مجلسه العامر بأن أستاذه السيد الشهيد محمد باقر الصدر، عليه الرحمة، قد زاره في بيته وكان ذلك قُبَيْل مغادرته العراق بسبب ملاحقة النظام البعثي له، وقال له السيد الشهيد:
– «خذ هذا المبلغ ..».
فأجاب الشيخ الفضلي مُباشرةً: «سيدنا، أنا لا آخذُ من الحقوق الشرعية، كما تعرف!!».
وقد أجاب بذلك ظنًا منه بأن المبلغ الذي أعطاه السيد الشهيد له راتبٌ من الحوزة ..
فقال السيد الشهيد: «أعلمُ بأنك لا تأخذ راتبًا من الحقوق الشرعية، لكن هذا المبلغ ليس لك، وإنما مقابل طباعة كتابك التربية الدينية ليكون مقرّرًا للدورات الصيفية في العراق».
لنعُد إلى أصبوحتنا ..
بعدها شرع الأستاذ الشيخ في بقية الأسئلة الخاصّة عن كتابه ذائع الصيت (خلاصة المنطق)
فأجاب، عليه الرحمة، بكل ابتسامة لكي لا تشعر بأنك تثقل عليه الأسئلة:
«كتبته بعدما طُلِبَ مني في كلية الفقه في النجف الأشرف تأليف كتابٍ في المنطق يكون تمهيدًا لكتاب المنطق للشيخ محمد رضا المظفر، عليه الرحمة.
وقد راعيتُ فيه تبسيط العبارة، والتدرج في المعلومة المنطقية للمبتدئين في الدراسات الحوزوية الشرعية مراعيًا في ذلك كله الجانب التربوي في المنهج».
ويمكن للقارئ العزيز أن يطلع على تفاصيل الحوار حول الكتابين الآنفي الذكر في كتاب المرحوم المهندس الأستاذ فؤاد ابن الشيخ عبدالهادي الفضلي، عليه الرحمة: (قراءات في فكر العلامة الدكتور الفضلي)، ص ٢٠٤-٢١٣.
رحم الله شيخنا الفضلي وحشره مع المعصومين، عليهم السلام.