شهاب.. وداعاً أيها القمر

برغم مرضه العضال و برغم طول فترة علاجه , فقد نزل نبأ وفاة العم الغالي ابو حسن كالصاعقة على رؤوس الجميع من هول الصدمة و لعظم مكانة الفقيد و ما سببه رحيله من جرح كبير و ألم شديد في النفوس .
و كما يقال (و في الليلة الظلماء يفتقد البدر).
فالفقيد الغالي لم يكن شخصا عاديا بل كان رجلا مميزا في كل شيء فهو رمز وطني و اجتماعي بامتياز و الجميع يعرف مواقفه الوطنية الشجاعة و دوره الإجتماعي البارز ,فكان مشاركا في جميع المحافل الوطنية و المناسبات الإجتماعية ,محبا للخير مبادرا لصنع المعروف, مقداما جريئا في العمل .
فهذا الرجل لم يدخل المدارس التقليدية و لم يدرس المناهج التعليمية و لا المقرارت المدرسية بل ولد و نشأ في بيئة قروية بسيطة و لكنها غنية بالقيم الرفيعة و المبادئ السامية , فعركته الحياة بمرها و حلوها فتخرج من مدرسة الحياة محملا بكل معاني الأخلاق الحميدة و الخصال الأصيلة و السجايا العريقة , فعندما تجلس في مجلسه يأسرك بجميل حديثه و ثراء فكره و حكمة مقاله و رقي مفرداته و كأنك أمام رجل مثقف من الطراز الأول , فحديثه كله حكم و مواعظ و دروس و عبر من حوادث التاريخ و قصص الحياة و تجاربها , مطعمة بأبيات من الشعر النبطي الجزل الجميل.
كان بشوش الوجه و البسمة مرسومة على محياه .
كان جواد كريما حسن المعشر سهل العريكة طيب القلب صافي السريرة راق في تعامله حريص على مواصلة اهله و أصدقائه و معارفه حتى في اوج مرضه , مثقف في حديثه مؤدب في خلافه متواضع في حياته.

يشارك و يساهم في معظم المشاريع الخيرية و الإجتماعية و هو في منتهى السعادة , لا يتوانى عن مساعدة من يقصده بدون تمييز , و هناك كم كبير من الأسر المعوزة التي كان يعولها بكل سرية.

كان متواصلا مع جميع المسؤلين في الدولة لخدمة المنطقة و معالجة مشاكلها و قضاياها بكل تفان و إخلاص.

و في مجال الأعمال كانت له صولات و جولات اتسمت بروح المعاصرة و المبادرة و كان له السبق فيها و كان جريئا في اتخاذ القرارت و قد قدم اضافات نوعية في خدمة المجتمع و حقق نجاحات عديدة, وترك بصمات عديدة.
و حتى في فترة مرضه الشديد كان يحاذر على ايلام من حوله , فتراه دائم الإبتسامة برغم ما يعتصره من ألم شديد و لكنه لا يبديه لمن حوله حرصا منه على الا يتألموا
فمثل هذا الشخص لا بد انك تشعر بالألم و الحسرة على فراقه و رحيله من المشهد بهذه السرعة في الوقت الذي نحن في امس الحاجة لأمثاله من الرجال الحكماء الخيرين .
و لكن عزاؤنا ما تركه من ارث عظيم من المواقف و الأخلااق الحميدة و السجايا العطرة و المآثر الجميلة , فهي كفيلة بأن تحافظ على سيرته في سجل الخالدين , و كذلك اخوانه الأعزاء و أبنائه البررة الذين نهلوا من مدرسته و سلكوا مسلكه و هم بحق يسيرون على نهجه حتى يحافظوا على هذا التراث الضخم من الفضائل الكريمة.
يا ابا حسن نعزي فيك انفسنا
يا ابا حسن ما عهدناك الا رجلا وطنيا في اقوالك و أفعالك و علاقاتك الممتدة من شرق الوطن الى غربه و من شماله الى جنوبه ,مشاركا في جميع المحافل الوطنية و الأحتماعية .
ما عهدناك الا مقربا بين الأهل و الأصحاب , داعما للشباب ,رابطا بين الجميع ,ساعيا للم الشتات .
فمثلك يا أبا حسن …… لا يموت بل يحي كل يوم من جديد بفضل افعالك الخيرة و مآثرك الطيبة التي تسجل بأحرف من نور
و مهما قلنا فلن نوفيك حقك يا ابا حسن
فهذه الصفات من النادر ان يحتويها شخص واحد فانت حقا من النوادر الذين انجبتهم المنطقة فالذين يخطون سيرتهم بمثل هذه الأعمال لا يموتون بل يخلدون في قلوب الشرفاء .
و كما قال الشاعر (ما مات من مات محمودا خصائله…….. بل مات من عاش مذموما من الكذب)

و قد رأينا كيف كان الوفاء في رحلة الوداع حيث خرجت الألوف المؤلفة في موكب التشييع في يوم الثلاثاء و رأينا افواج المعزين في مجالس العزاء تفد من كل حدب و صوب و ترى الألم يعتصرهم لفقد ابا حسن , فهنيئا لك هذا الحب و هذا الوفاء .

و في الختام لا نقول الا وداعا ايها الرمز الخالد و داعا ايها القمر و نسأل الله العلي القدير ان يعوضك بالجنة و نعيمها و يحشرك مع الأنبياء و الصديقين و الشهدا و الصالحين و حسن اولئك رفيقا.


error: المحتوي محمي