في عالم التكنلوجيا اليوم انفتح العالم على بعضه البعض، وانهارت الجدران والأبواب وانحسرت المسافات، ولم تعد هناك رقابة ولا حدود على ما نرى ونسمع فيه.
في المجتمعات العربية ونظراً للهيمنة الذكورية الغالبة عليها، تقع النساء في منزلة اجتماعية قد لا تتساوى في أغلب الأحيان مع الرجال، ولهذا ليس من الصعب ابتزازهن خاصة اليوم في عصر التكنولوجيا التي تحولت من وسيلة للتواصل وتقريب المسافات وتبادل الآراء ومعرفة ثقافة الآخرين، إلى أداة لابتزاز من هم ليسوا بأغلبية ويقعون تحت ضغط اجتماعي يجعل من تصرفاتهم محل جدل، أو تبرير مقبول لممارسة العنف ضدهم.
إن العلاقات المحرمة بين الجنسين قد زادت في المجتمع المحافظ اليوم بعد دخول الإنترنت وامتلاك الصغير والكبير أحدث الهواتف الذكية بتمويل من الأهل، والذي أصبح الشاب والشابة يتحدثون بحرية في أي وقت يريدون داخل البيت وخارجه! ولم يعد التواصل مع العالم الخارجي مشكلة أو ممنوع كما هو في الماضي، وأصبح من السهل على الجنسين أن يَرَوْا صور بعضهم البعض وكأنهم في غرفة نوم داخل بيت العائلة! وبإمكانهم التصوير على أية وضعية متى ما أرادوا ذلك! وبعض النساء تقع تحت طائلة الابتزاز سواء بتهديد نشر صورهن وفيديوهاتهن الخاصة، ومحادثاتهن التلفونية وغيرها كوسيلة للتشهير بهن.
إن الانتشار الواسع للمحتوى والذي يسمح بتداول محتوى واحد لعدة مرات من عدة مستخدمين حول العالم يجعل من الصعب السيطرة على ما يتم نشره (لاشيء يموت طالما أنه نشر على الإنترنت)، لذلك فإن التهديد يتحول إلى فزع ورعب حقيقيين جراء تصور تبعات نشر المحتويات الخاصة بالنساء على الإنترنت، فقد يتحول الأمر إلى فضيحة قد تؤدي بإنهاء حياتهن عندما يتواجدن في مجتمعات غير مكترثة للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
أيها الآباء وأيتها الأمهات انتبهوا لصغاركم من هذا الجهاز الصغير الذي قدمتموه هدية لهم في عيد ميلادهم أو عند نجاحهم في المدرسة، وتركتموهم يتحدثون مع العالم الافتراضي من دون رقيب! راقبوهم واعرفوا مع من يتحدثون، ولا تقولوا إنهم صغار ولا يعرفون شيئاً عن المواقع المحرمة وغرف الدردشة وغيرها من المواقع الخطيرة الموجودة فيه، فهذا الجهاز هو أسرع الطرق إليها،
إن الصداقة الإلكترونية هي صداقات جافة افتراضية قابلة للمسح أو الإضافة أو الإنكار أو الحجب، وهي ممارسات تكثر على حلبات التواصل الاجتماعي لقلوب تتطاير ولوجوه تتضاحك أو تتعابس أو لورود يتناثر منها النفاق والكذب على الآخر، وإن تاريخ الأمة الْيَوْمَ يتهاوى في ظل غزو ثقافي وفكري كبير من خلال الوسائط الحديثة التي يتحكم فيها الآخر.
وفِي الختام كان الله في عون كل أب وكل أم في هذا الزمن (زمن التكنولوجيا)، ولا تنسوا مراقبة أولادكم وبناتكم قدر المستطاع عند استخدامهم للأجهزة الذكية، وأن تعرفوا مع من يتحدثون وعلى أي موقع هم داخلون، وأن لا تتركوهم يتسامرون مع الجهاز في غرف النوم.
حفظكم الله وحفظ أولادنا وأولادكم من كل شر، وحفظ بلادنا من كل سوء.