قصة في المماطلة في إعادة أموال الناس

أخبرني صديقي أبوحسن بقصة حدثت مع أحد أقربائه منذ سنوات، في تلك الأيام كانت ثورة الكمبيوتر والذاكرة والسرعة الشغل الشاغل في كل منزل، فأراد قريب صديقنا أن يشتري جهاز حاسوب جديد وذا سرعة ومتانة، فسأل زملائه في العمل عن المحلات والأماكن التي تجيد تجميع الأجهزة وتمتاز بخدمة ما بعد البيع ودعم البرامج والضمانات، فأخبره أحدهم أن هناك من يعمل معهم في نفس المبنى من الذين يملكون خبرات ومحلا لتوفير الأجهزة بمواصفات ممتازة وبأسعار مناسبة، فما كان من هذا القريب إلا أن ذهب إلى الطابق الآخر وألتقى بهذا الموظف الذي يعمل معه في نفس الشركة والمبنى، إتفق معه على الجهاز والمواصفات والسعر الذي كان بأربعة آلاف ريال،

وتم تسليمه الجهاز حسب الإتفاق بعد أيام بضمان شامل لمدة من الزمان، وكان مطابقا للمواصفات وبدأ يعمل في حالة ممتازة خاليا من المشاكل لفترة قصيرة وبعدها ظهر فيه توقف وعطل، فأخذه إلى ذلك المحل الذي قام بالواجب وأصلحه، ولكنه ما ينفك أن يعمل ساعات حتى تعود إليه الحالة ويضعف حاله ويتوقف عن العمل، وبعد تكرار ذلك عدة مرات ومكوث الجهاز لدى المحل للإصلاح إلى وقت طويل، قرر المشتري المطالبة بنقوده وعدم الرغبة في هذا الجهاز فكان له ما أراد، غير أن صاحب المحل وعده بإرجاع المبلغ في وقت لاحق،

ومضت الأيام والأسابيع ولا أصلح الجهاز ولا عاد إليه أمواله، فما كان من قريب صديقنا إلا أن أصبح يعتاد الزيارة اليومية لمكتب البائع المتواجد في طابق آخر في نفس المبنى، يأخذ معه كوبا من القهوة في فترة الإستراحة ويجلس عنده يحدثه ويسأله، ظل يقوم بهذا العمل أياما كثيرة حتى بدأ أصحاب البائع بالسؤال عن هذا الزائر الجديد الذي تتكرر زيارته يوميا، والذي بدوره أخبرهم بما حدث معه مع صاحبهم، من تماطل وتسويف لترجيع الحق إلى أصاحبه، فعندها شعر الرجل بشيئ من الخجل والفشل وذهب فأحضر له ألف ريال وإتفقا على تسديد الباقي شهريا هكذا، فأصبح يأتيه عندما يقبض راتبه حتى يقبض هو أيضا حقه وإنتهت بسلام،

في هذه السنوات لا أحد يعيد ديون ولا يرضى بالهزيمة أحد، إلا من هداه الله وأنجاه، فالعنف والغضب ولا حتى الغباء يعيدهم، ولكنه الذكاء والدهاء والصبر والإستمرار كفيل بذلك ويجعل المدين صاغرا يعيد ما عليه إذا كان لا يخاف الله ويخاف الناس أكثر.


error: المحتوي محمي