أخذ الباحث والمحقق السيد عدنان السيد محمد العوامي في كتابه “عيون القطيف، الفردوس الموؤود”،القارئ ، إلى ذاكرة الواحة، يستذكر عبق الماضي من خلال لغة الباحث، متخذًا من التحقيق بوصلة الظل، حيث الماء عنوانها الأبرز.
وتطرق في كتابه الصادر عن دار أطياف للنشر والتوزيع، إلى وفاة العيون، كتهمة في مطلع الكتاب، لينطلق بعد الزفرة الأولى في التفتيش عن صورة الماء في هذا الوجود، يفتش عنه في القرآن والأساطير والديانات، ليؤسس للقيمة التي يمثلها هذا الماء الجاري في سيرة الإنسان.
يأتي ذلك في الكتاب الذي يصدر بالتزامن مع معرض “خطوات إلى الماء”، ليطوف بالقارئ في ذاكرة المكان، حيث يجمع العوامي بعضاً من أساطير الماء وحكاياته المتداولة عند الناس، مذكرًا براعية العين وأبو مغوي وأم الديفان والدعيدع وسواها من القصص والشخوص التي صاغها الوعي الجمعي في لحظة اتصاله بالماء، واستدمجها في مروياته الشفاهية، والقصص الشعبية، حتى طقوسه، التي تشابكت مع سيرة الماء، كعنوان للطهر والخلاص والتجرد من الشر.
وأضاف: وفي سيرة أبو صفيره، والدوخلة وغيرها من “الطقوس العقائدية”، التي يرجح العوامي وجودها في السابق لكنها طمست وغابت عن التدوين.
وأشار إلى اللعب، بكونه محطة محطة أخرى، حيث عيون الماء الوفيرة بالمنطقة، التي كانت بمثابة فسحة للعب، السباقات التي يتبارى فيها اللاعبون، كسباق المناسم، والطماس، والمسابق، والمطابب، واللنش، لتحكي عن المهارات، التي اتصلت ببيئة القطيف، وباتت عنواناً لساكنيها.
وفي انعطافة تجاه التوظيفات الأدبية للماء، يستعرض العوامي عدداً من النصوص الشعرية، التي تواشجت مع الماء، قديماً وحديثاً، نصوص كثيفة تبللت بالماء، الحلو منه والمالح، مستحضرًا جوارها سيرة الماء في الأزجال الشعبية، كتوازي الشريعة.
واستشهد بأهزوجة، “إلحكوا أهل الشريعة/ لا يموتوا بالعطش/ إطلعت عين التوازي/ إمكابلة مسجد دغش”.
وخص – العوامي -، في فصله الأخير بمراجعة لنشأة العيون في المنطقة، التي يعارض فيها المقولات السائدة حول بناء العمالقة من أحفاد الكنعانين لها، مستعيناً برأي الجيولوجين في شأن تكون العيون والشروخ والانفجارات المائية العنيفة في القشرة الترابية.
وبين أن العيون، هي نتاج لهذه التغيرات الجيولوجية، التي لحقت بالأرض في إقليم البحرين القديم.
ويحتضن كتاب “الفردوس الموؤود”، الذي يتكون من 178 صفحة بالكثير من الصور للعيون التي اندثرت، والأدوات التي كانت تستخدم لنقل وحفظ وشرب الماء، إضافة إلى قائمة بأسماء العيون في كل قرى ومدن القطيف، ليكون بذلك مرجعاً فريداً من نوعه في توثيق سيرة توارت عن الأنظار.