ناقش فضيلة الشيخ محمد موسى الصفار في كتابه “الحياة مع زوجة قوية” واقع المرأة في مجتمع القطيف بشكل خاص والمملكة بشكل عام، في محاولة منه للتعريف والتوعية بمكانتها وهمومها، وفق ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، وهل حصلت على حقوقها وقدمت واجباتها بالشكل المطلوب؟ ضمن التشريعات الدينية والأعراف والتقاليد الاجتماعية.
جمع فضيلة الشيخ بين دفتي كتابه 37 مقالاً أدبياً، كانت محصلة من مقالات كتبت ونشرت في جريدتي اليوم السعودية، والوسط البحرينية بين عامي (2004 – 2012م)، بعد إضافة بعض التعديلات والصياغة على البعض، محاولًا من خلالها إيصال صوتها الذي يستغيث، في حالة من التأمل والانتظار، بأن ينظر المجتمع وأصحاب القرار في البلاد لرعايتها ويرفع ما بها من القلق والضيم، بالمقابل تناول الجانب الذي قدمته المرأة وبشكل مشرف يعتز بها، كونها القائد الثاني لدفع المجتمع نحو التنمية والرقي به.
وحول الرسالة التي حملتها هذه المقالات، ذكر الشيخ الصفار في حديثه لـ«القطيف اليوم» أن طبيعة المقالات صحفية، ولفترات متباعدة بين مقال وآخر، فالرسالة لم تكن واحدة ، والأبعاد والقضايا متعددة، لكن أغلب المقالات تتحرك ضمن هموم المرأة وطموحاتها، فالمرأة في منطقتنا لها تطلعاتها ولها آمالها، كما أنها تعيش وسط قوانين تدفن روحها وتحطم معنوياتها، لذلك كانت المقالات تسعى لتوعيتها ببعض حقوقها الزوجية والأسرية، وبعض حقوقها فيما يرتبط بالشأن العام، والتي بدأ قسم كبير منها يأخذ طريقه ليكون واقعاً، وحقاً مكتسباً لها.
وأوضح في كتابه أن الأسرة والمجتمع والقوانين هم من صنعوا واقع المرأة المعاش، إذ ساهموا – على حد قوله – في الوضع الذي كانت عليه المرأة في مجتمعنا، فتعامل الأب، وتعامل الزوج، وانعكاس ذلك على تعامل الأبناء والإخوة معها، كل ذلك من جهة الأسرة كان مؤثراً على كيانها وكرامتها وهبوط ثقتها بنفسها.
وأضاف أن المجتمع الذي ينظر للرجل برحمة وتسامح، وينظر للمرأة بقسوة وشدة ودونية، أسهم في شعور المرأة بقلة الناصر وبانعدام السند الحقيقي والداعم لها، فكانت تعاني في ساحتها الاجتماعية كما في بيئتها الأسرية، مشيرًا إلى القوانين الوضعية التي كانت سائدة، والتي ترتبط بمعاملاتها المدنية، والقوانين القضائية السائدة في الفترة السابقة، كانت تضطرها للخضوع، والتألم بصمت، وتسبب لها المزيد من الأمراض النفسية التي لم تكن ترى لها ملجأ ولا أملاً ولا حلاً، معتبرًا المرحلة الراهنة التي تعيشها المراة فترة بدأت بأن تحصل فيها على بعض حقوقها المدنية الطبيعية، وهذا سيسرع بزوغ مستقبل طيب وجميل لها.
وبيّن في حديثه السبب الذي ساعد في ضياع تطلعات المرأة إلى أمرين أسهما في بقاء معاناتها، الأول هو بعض الفهم السائد لنظرة الدين حول المرأة، إذ قال:” بعض الفهم للدين وليس كل الفهم للدين، فهناك آراء تليق بالدين وتكريمه للإنسان، كما أركز على فهم الدين وليس الدين”، مطمئنًا أن الدين لا يمكن أن يعتمد تلك الطريقة السقيمة والمجحفة بحقوق المرأة، فبعض ذلك الفهم ساهم في قمعها بشدة وقسوة.
وأفاد أن الأمر الثاني هو سكوتها وخضوعها لقمع ذلك الفهم المغلوط للدين، حتى أنك لتجدها تكرر تلك الأفكار الخاطئة، ثم تتشكى من آثارها وارتداداتها، وهذا ما يمكن قوله أيضاً في خنوعها أمام القوانين الوضعية، وعدم إيصالها الرأي بالقوة المطلوبة، والمتكررة والمصرّة لصاحب القرار.
ودعا -بين صفحات كتابه- المجتمع إلى النظر للمرأة بإنصاف، وبنظرة ترتقي عن مشكلة هنا وأزمة هناك، مؤكدًا أن في بلادنا الكثير من النماذج النسائية التي يحنى لها الرأس، والتي شقت طريقها للعلم والمعرفة، وأركمت عطاءها، حتى أصبحت رقمًا كبيرًا في عالم المال والتجارة، كما في ساحة العلم والمعرفة، وفي أغلب مجالات التطوع والنفع العام.
ونوه إلى أن الحديث عن المشكلات التي مرّ ذكرها في مقالات الكتاب، لا يعني تنكراً وتعامياً عن النماذج الحية النابضة بالفكر والثقافة، والخدمة والعطاء، قائلًا: “ولو نظرنا إلى مختلف التخصصات العلمية والبعثات الدراسية لرأينا المرأة إلى جانب الرجل تنافسه بعزم وصبر، ولا تقل عنه في المستوى والمكانة”.
وتناول الصفار في كتابه بعض المطالبات للمرأة، والتي لم تكن موجودة ومسموح بها في المجتمع، وبعد صدوره سمح بها، حيث توقع بأن نجد مع رؤية الوطن 2030 تحولًا في واقع المرأة، وسنلاحظ آثاره قريبًا، سيمكن المرأة من الحصول على حقوقها المدنية باستقلالية شبه تامة، وستكون كغيرها من سيدات المجتمع في دول الخليج اللاتي يشتركن معها في الثقافة والبيئة والعادات، لافتًا أن كل تحول له ايجابياته وله سلبياته، وما ينبغي العمل عليه هو نشر كُمٍ هائلٍ من الثقافة، التي تحد من السلبيات وتثمّر الايجابيات.
يجدر بالذكر بأن كتاب “الحياة مع زوجة قوية” للشيخ محمد الصفار هو باكورة كتبه، وأحد إصدارات دار أطياف للنشر والتوزيع بالقطيف، ويقع في 176 صفحة من القطع الوسط، وصدر له حديثًا “ويبقى الأمل” و “دين لا يخالط الحياة”.