ترملتِ السعادةُ في فؤادي
فما للحظِ في الأيامِ حادي
و صفحاتُ الزمانِ كأن فيها
من الأقدارِ وحيًا للمدادِ
كأن حروفَها حنّتْ لوعدٍ
تلقاهَا بهجرٍ و ابتعادِ
و أزهارُ الربيعِ غدتْ ثَكالى
تطاردُهَا وشاحاتُ السوادِ
تهافتتِ الرياحُ على أمانِي
و شظى جمرُهَا ركنَ العمادِ
صروفُ الموتِ تصبغُ كلَ بابٍ
نجيعًا يشتكي همَ البعادِ
فما أدري أيشبعُهَا أنينِي
و تحنانِي المكفنُ بالرُقاد
أم الأطماعُ تحدوهَا لوترِي
و يلهو أنسُها في خيرِ زادِ
ثُكِلْتُ بجعفرِ الأخلاقِ لما
هوى كالنجمِ في ليلِ البوادِي
تلقتْهُ المنونُ بخافقيها
زنادًا يصطلي في كلِ نادِي
تفدتني بأنيابٍ شفاءً
لجرحٍ يمتطي كفَّ العنادِ
لتغفو مهجتِي في راحتيهِ
كشمسٍ حينَ تنعمُ بالمهادِ
توافتنا عطاياهُ عزاءً
لتكسونَا بآهاتِ الضمادِ
و جاءتْ لليتامى لاهفاتٍ
مهيضاتِ الرجايا و المرادِ
و كحلتِ العيونَ بنارِ بعدٍ
تلظتْ في جوى هُدْبِ السهادِ
أجعفرُ كيفَ غادرْتَ الصبايا
كسيراتِ الحنايا و الفؤادِ
و كيفَ تهشمتْ أوتادُ روحِي
لتهوي خيمةً عمتْ بلادِي
و كيفَ تضرمَتْ همًا مريعًا
حصائدُهُ تباهتْ في امتدادِ
بآلامِي مخالبُهَا تحنتْ
لتمزيقِ الوشائجِ و السعادِ
و قرتْ في اللحادِ لكَ عيونٌ
قرارَ السيفِ في جفنِ الغمادِ
كأن حنانَها يغفو لديكَ
كما يغفو الرضيعُ على الوسادِ
تدلتْ صنعةُ المعروفِ حتى
تجازلَ ينعُها بمنى الحصادِ
و ناجتْهُ المكارمُ و السجايا
بشوقٍ و التياعٍ و انقيادِ
أنينُ الموتِ ينعاهُ مثالًا
وينسجُ شجوهُ قصصَ الرشادِ
كأن خصالَه مدّتْ جسورًا
مرصفةً بأزهارِ الرفادِ
لقد صاغتْ سريرتُهُ كيانًا
تلاقتْ في صبابتِهِ النوادِي
فعانقَ صفوهُ الذهبَ المصفى
سبائكُهُ أكاليلُ الودادِ
كسا تاروتَ حزنٌ سرمديٌ
تغشاهَا بأنواعِ الحدادِ
فيا ربَاهُ ألهمْ فاقديهِ
و أسرتَهُ و أكبادَ الولادِ
و أمًا ترتجي منه وصالًا
و زوجًا لا تكلُ عن الجهادِ
و إخوانًا تفداهُمْ بحبٍ
ليسقيهُم من الديمِ الغوادِي
جميلًا من رحيقِ الصبرِ حتى
يداويهُم إلى يومِ المعادِ