خواطر من مجلس المرحوم العلامة الفضلي (3)

أنا لستُ صاحبَ رأي / وكلُنا آياتُ اللهِ

الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي -عليه الرحمة – من الشخصيات المتألقة في الدراستين الحوزوية والأكاديمية أو ما يحب هو أن يسميها الجامعية (الأكاديمية)والجوامعية نسبة إلى الجوامع ؛ لأن الدراسة (الحوزوية) تدرس عادة في الجوامع . فتاريخه العلمي حافل بالعلم والمعرفة درسا وتدريسا وتحقيقا
وتبلغيا انطلاقا من العمل الإسلامي في الحركة الإسلامية في العراق وخير شاهد على مكانته آثاره ومؤلفاته التي تجاوزت السبعين مؤلفا ..

ولا غرو فأبوه هو المجتهد الفقيه الشيخ الميرزا محسن الفضلي عليه الرحمة الذي كان من أوائل من تتلمذ على يديه في البصرة قبل انتقاله إلى النجف الأشرف وعندما انتقل إلى النجف كان قد ظهرت عليه علامات النبوغ، ما دفع صاحب الذريعة أن يقول عنه بأنه فاق أقرانه على حداثة سن في إجازة الرواية :

” الشيخ الفاضل البارع الشاب المقبل الواصل في حداثة سنه إلى أعالي مراقي الكمال ، والبالغ من الفضائل مبلغا لاينال إلا بالكد الأكيد من كبار الرجال المدعو بالشيخ عبدالهادي بن الشيخ الميرزا محسن بن الشيخ سلطان بن محمد الفضلي البصري المولد في (١٣٥٣ه‍ ) ، والنجفي المنزل والاشتغال ، وفقه الله تعالى لصالح الأعمال والأقوال”

-وقال في حقه المرجع الديني والمفكر الإسلامي الكبير الشهيد السيد محمد باقر الصدر -عليه الرحمة – في رسالة وجهها له بعد ما اضطر العلامة الفضلي الخروج من العراق بسبب ملاحقة النظام البعثي له :

“عزيزي المعظم العلامة الجليل الأستاذ الشيخ عبدالهادي الفضلي لاعدمته ولا حرمته …

“…والواقع أن ما يحز في نفسي أن تكون أوضاع الحوزة بشكل يزهد في الإقامة فيها أمثالكم ممن يرفع الرأس عاليًا ، ويُشكل رقمًا من الأرقام الحيّة على عظمةِ هذه الحوزة التي تتيح -رغم كل تبعثرها ، أن ينمو الطالب في داخلها بجهده الخاص إلى أن يصل إلى هذا المستوى المرموق فضلاً وأدبًا وثقافةً .
وعلى أي حالٍ ، سواء ابتعدت عن الحوزة مكانًا أو قَرُبتَ، فأنت من آمال الحوزة ومفاخرها ، وأرجو أن لايكون انقطاعك عنها إلا شيئًا عرضيًا “.

وشهادات كثيرة تأتي تباعا إن شاء الله في سلسلة الخواطر القادمة_

مع كل ذلك لا تجد فيه إلا ذلك التواضع الجم الرفيع

كنت أحضر طيلة سنوات في مجلسه المبارك وكلما سُئل شيخنا ماهو رأيكم في المسألة الكذائية؟

يجيب السائل بكل تواضع أنا لست ُ صاحبَ رأيّ … وأنما سأنقل لك رأي العلماء ..

وكثير من الأحايين يكون هو صاحب رأي في المسألة التي سئل عنها ، وقد ناقشها في كتبه العلمية المتفرقة، ومع ذلك لا يشعرك بذلك أبدا إلا حينما يجد ضرورة لإخبارك

يحضر المجلس كثير من طلبة العلوم الدينية ، ويبلغونه سلام العلماء في قم المقدسة أو النجف الأشرف ويقولون له سألنا عن مستواكم العلمي ويقولون نعم هو فقيه وآية الله – (مصطلح آية الله في الحوزة يعني الفقيه المجتهد) فيراه الجميع منزعجًا من هذا الإطراء ويقول فورا :
” كلنا آية من آيات الله سبحانه وتعالى أنا وأنتم جميعا ” وقد شاهدت هذا الموقف متكررا سنوات زيارتي لمجلسه العامر والجواب هو الجواب.

كل ذلك هروبا من الألقاب العلمية التي لم يرنُ لها يوما من الأيام سيرا على نهج علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم رحم الله علامتنا الكبير الشيخ الفضلي، وحشره مع المعصومين عليهم السلام .


error: المحتوي محمي