الاختصاصية الحبيب: الصمت في العلاقة الزوجية يتسبب في الانفصال التدريجي

تشكل ظاهرة الصمت في الحياة الزوجية، مفترق طريق، بكونها اللغة التي تستجدي الغياب العاطفي والمشاركة، ليلجأ أحد الزوجين لإقحامه في علاقته مع نصفه الآخر، لأسباب متعددة، قد تؤتي أكلها طلاقًا عاطفيًا، تدخل الحياة الزوجية في نعش، يشيعه الصمت إلى مثواه الأخير، مخلفًا آثاره السلبية على الأبناء وصولاً إلى المجتمع .

وأشارت الإحصائيات أن نسبة حالات الطلاق في المملكة، في الإحصائية الصادرة مؤخرًا من وزارة العدل، تبلغ ربع حالات الزواج في عام 2015م، وحالات الطلاق في محافظة القطيف في السنوات الأخيرة، كانت لا تتجاوز 30 – 40 في %، حيث بلغت في عام2011م 773 حالة طلاق، في حين تبلغ حالات الانفصال بسبب معاناة الزوجين من انعدام المشاعر وعدم تعبير أي منهما عن عواطفه للآخر 70 %.

وبينت الاختصاصية النفسية أبرار إبراهيم الحبيب طالبة ماجستير علم نفس إكلينيكي، أن الصمت في الحياة الزوجية حين يبدأ في تجاوز حدوده الطبيعية، تبدأ الحياة تأخذ منحنى خاليًا من أبسط الأحاديث، وأقل قدر من الحوار، حينها تتجه الأشياء المشتركة بين الزوجين في الاختفاء، ويحدث نوع من الانفصال التدريجي.

وأكدت بأن هذا يؤثر سلبًا على جودة الحياة الزوجية، ونفسيًا على الزوج والزوجة على حد سواء، ويحمل آثاره على الأبناء وسلوكياتهم.

وقالت:” إن الصمت، يؤدي إلى ظهور فجوة في العلاقة، تقود إلى الانفصال والبُعد والجمود التدريجي عاطفيًا ونفسيًا، وحتى جسديًا، ليظهر الشعور بالغربة والعزلة وفقر الألفة، ويخلق حالة من الغموض وعدم القدرة على فهم الآخر واحتياجاته”.

وأوضحت بأن ذلك يتسبب في تراكم المشاكل مع عدم وجود طريقة حوار لحلها وتتحول كل محاولة نقاش لكارثة، لتظهر الشكوك والظنون والتأويلات بأخذ مكانها، مؤكدة مما ينعكس في البيئة الزوجية على الأبناء واستقرارهم ونموهم النفسي والعاطفي والاجتماعي، وعلى بناء الأسرة ككل.

ونوهت إلى أن الصمت تارة يكون ناتجًا عن مشكلة، وتارةً يكون مُنتِجًا لمشاكل أخرى.

وأجابت في أنه يمثل استمرار حالة الصمت، الدخول عنوة في ما يسمى ” الطلاق العاطفي “، بأن حالة الصمت المستمرة تُقصي الزوجين عن بعضهما البعض، وتخلق فجوة ومساحة فاصلة بينهما، بحيث يبدأ كل واحد منهما بالشعور بالعزلة عن الآخر، محذرة بأن هذه أولى مؤشرات الطلاق العاطفي.

وقالت: إن استمرار الصمت، مع وجود مشاكل أخرى، وعلى مدى طويل، كلها سُبل مؤدية إلى الطلاق العاطفي.

وعرفت الصمت، في ناحيته السلبية والإيجابية تباعًا، بأنه لابد من معرفة أنواع الصمت، ومتى يصمت الشريك ولماذا، وقالت : تفسيرنا لهذا الصمت سيحدد مدى سلبيته أو إيجابيته، فقد يختار أحد الزوجين الصمت أو يُجبر عليه، ليكون تعبيرًا عن الرضا، وتعبيرًا عن الرفض، كذلك قد يكون بغرض الاسترخاء والحصول على الراحة أو بسبب الانشغال.

وأوضحت أن ما يجعلنا نقول لهذا الصمت إيجابي أو سلبي، يعتمد على عدة محددات تلعب فيها شخصية الأزواج دورًا مهمًا، وطبيعة العلاقة بينهما، وإلى أين وصل بهما هذا الصمت، وهل يصنفاه على أنه مشكلة، وكيف يتعاملان معه وفقًا لذلك.

وأشارت إلى أنه قد يكون الصمت إيجابيًا، حين يحمل دلالات على فهم كل طرف للآخر وشعوره به، ووصولهما لمرحلة من العشرة، يستطيع كل واحد منهما أن يتنبأ ويتوقع ما يجول في ذهن الآخر، وكيف يفكر.

وتابعت:” كما يظهر الصمت حين يبدأ الزوجان في إيجاد طرق تواصل داعمة ومعبرة، كالنظرات واللمسات أو الكلمات القليلة ولكنها ذات الدلالة القوية، مضيفة قد يكون لإخفاء بعض المشاكل والهموم الصغيرة، التي لن يفيد إظهارها للشريك في شيء، سوى إزعاجه وتكديره.

وفي ما يُعنى في تمثل ضغوطات الحياة، شقًا نفسيًا لكلا الزوجين، ذكرت بأنه لا تخلو أي حياة طبيعية من الضغوطات، وإنما الحياة الزوجية ماهي إلا مشاركة، قد لا يخبر أحد الزوجين شريكه بكل تفاصيل مشاكله وهمومه، كي لا يقحمه في مزيد من الضغوط.

وأفادت بأن المشكلة الحقيقية حين يقصي أحد الزوجين الآخر ويعيش كل منهما في عالمه المنفصل.

وقالت:” يجب أن يفهم الزوجان أن حديث أحدهما عن مشاكله ليس بالضرورة، هو للبحث عن حل بقدر ماهو مشاركة وتواصل واهتمام وإبقائه في الصورة”.

ولفتت إلى أن قنوات التواصل الاجتماعي – السوشال ميديا -، هي وسيلة للتواصل، لها تأثيرها، إنها في الوقت الذي تُقرب فيه، فإنها تُبّعد، وفي الوقت الذي تُسّهل فيه، فإنها تُصّعب.

وقالت:” وعليه لا نستطيع أن ننكر أن مواضيع مصيرية، يقوم الأزواج بمناقشتها عبر هذه الوسائل، وقد يجد الزوجان حرية أكبر في التعبير الكتابي عنه في التعبير المباشر”.

وأوضحت في أن البعض في شخصيته أن يكون صامتًا، كسمة شخصية لديه، بأنه في حال كان الصمت سمة شخصية، فإن الخروج منه، يختزله شيء من الصعوبة، منوهة بأن هذا لا يعني أن يبقى الشخص كما هو، ولا يسعى للتغيير بحجة أنه “هذا أنا وهذه شخصيتي “.

ودعت إلى محاولة البدء في الحديث بشكل تدريجي، بحيث يبدأ الشخص باختيار أشخاص مقربين منه “شخص واحد، كبداية”، يكون مقاربًا له في الأفكار والاتجاهات والاهتمامات، وتعلم فنيات الحوار، والبقاء على اطلاع بالمواضيع، وتجديد الاهتمامات، والأخذ بزمام المبادرة في الحديث، وزيادة الثقة بالنفس، وتطوير وتوسيع الدائرة الاجتماعية، مؤكدة بأن كلها تساهم في الخروج من الصمت.

وأبانت أن الزواج المستقر، هو من أهم مصادر السعادة والراحة في حياة الأفراد، والوصول له، هو الغاية التي ينشدها جميع الأزواج، حيث إن جودته والرضا عنه، ينعكس على جودة جميع نواحي الحياة الأخرى والرضا عنها.

وقالت:” لنحاول جميعًا أن نصل بحياتنا لهذه الجودة من خلال التواصل الفعال، والمشاركة والاهتمام وتحمل المسؤولية”.


error: المحتوي محمي