عذرا أيها الأزواج

الكثير من المشاكل و الخلافات المتفاقمة بين الزوجين بدأت لسبب قد يتذكرانه ، و لكنهما بعد شجار أو حوار ساخن وجدا أنفسهما في مأزق لا يعرفان له من مخرج يعيد لهما علاقة الاستقرار والهدوء و العاطفة الحانية ، فكبرياء كل واحد منهما يمنعه من البدء في إعادة أجواء الصفاء و المحبة مجددا بعد الخلاف بينهما ، كما أن إهمال جبر خاطر شريك الحياة و إظهار الاهتمام لأي ألم يسببه له ، قد يبذر لضعف في علاقتهما و يدخلهما في نفق برود العلاقة و العاطفة ، إذ تراكم المشاكل و الخلافات يأتي عليه يوم و يجد الزوجان الجو العاطفي بينهما قد ساده التصحر و التلاشي .

إذا شعر كل واحد منهما أن بناء الأسرة المستقر و السعيد يعتمد على مدى متانة علاقتهما ، و ما يسود بينهما من ثقة و تفاهم على معالجة أي خلاف ينشأ بينهما ، و ان الأجواء المتوترة تخرب كل جميل في حياتهما ، سيعملان على المسارعة في تصحيح الموقف .

لماذا يلجأ الفرد إلى المكابرة و الإصرار على موقفه و إن كان خاطئا ، و قد اساء إلى شريك حياته في لحظة انفعال بكلمة جرحت مشاعره و آلمت نفسه ؟!

المكابرة و العناد و تجاهل مشاعر الآخر ليس له إلا نتيجة واحدة و هي دق إسفين التباعد بينهما ، و الدخول في نفق مظلم يؤدي إلى علاقة باردة و خالية من مشاعر الحب و الانجذاب و الاهتمام من شريك الحياة ، و أي تأخير عن الاعتذار و إظهار التألم بسبب ما بدر منه من صراخ أو تلفظ مسيء لم يتعمده ، بل جاء في أجواء عاصفة لم يحسن تجنبها .

نعم ، لغة التسامح و الاعتذار تمسح ما يعلق في النفس من تألم و أسى ، و يعيد للمحبة و الثقة أجواءها مجددا ، و خصوصا إذا تقبل الطرف الآخر اعتذاره و قدر ظرفه ، و استطاع تغليب منطق الحكمة و الذي يشير إلى معالجة الخلافات بالهدوء و المسامحة ، و إلا فإن البيوت سيصيبها الخراب من أول مشكلة أو حوار ساخن بين الزوجين !!

و الاعتذار لا يعني التقليل من شأن أحد أبدا و لا تحويله إلى طرف ضعيف في هذه العلاقة الزوجية ، بل هو عنصر فعال في مداواة جراح المناكفات و المشاحنات ، فبعد جو عاصف من العنف اللفظي و تحول الحوار إلى تبادل لكمات الكلمات الجارحة ، لغة الاعتذار تمنع من تفاقم المشكلة و تطورها إلى طلاق صامت ، و يقرب ما بين القلوب و يعيد لها دفء المحبة .
و لغة الاعتذار لا تعني ترديد كلمة آسف دون شعور حقيقي بحجم الألم الذي سببه لشريك حياته ، كما أنه لا يقتصر التراجع عن الإساءة أو التقصير على الكلام ، فتقديم هدية خاصة يظهر بها تقديره و محبته لشريك حياته يدفع ما في قلب الآخر من ألم ، و كل تعبير يبرز فيه سعادته بالاقتران به يعني الاعتذار عن كل خطأ غير مقصود ، و في الختام فإن الأمر لا يحتاج إلى عناء كبير ، بل هي شجاعة الموقف و الثقة بالنفس و إن أخطأنا ، و إظهار لجمال أرواحنا التي لا تقبل الإساءة يوما لمن قدم كل التضحيات من أجلنا .


error: المحتوي محمي