الكذب هو خداع الناس بغير الحقيقة، ويكون بتزييف الحقائق جزئياً أو كلياً، وخلق روايات وأحداث جديدة، وهو من أسوأ وأبشع الصفات.
يلاحظ المتأمل في بعض مجتمعاتنا العربية انهياراً واضحاً لمنظومة القيم الأخلاقية وتطرفها حيث أصبحت قيم الكذب والنفاق والرياء الاجتماعي قناعة وسلوكاً يغطي على النزاهة والنخوة، وبات التسلق والصعود على أكتاف الناس والتظاهر بصفات الشرف والأمانة متقبلاً ومرحبًا به في المجتمع.
إن البعض من فئات المجتمع تتسابق اليوم من أجل صراع بغيض على فتات الحياة، فيتساوى فيه الكبير والصغير مما يكشف الوجه القبيح للكثير ممن خدعونا يوماً برقي أخلاقهم فظننا أنهم برتبة الملائكة! وأصبحنا نعتبر الكذب والزيف والخداع فن من فنون الشطارة والذكاء في زمن المجانيين.
إن هناك الكثير من الآفات اللاأخلاقية قد استشرت في المجتمع، وآفة الكذب واحدة من أخطر الآفات التي تُمارس بين الناس لأجل تحقيق مصالح شخصية وإيهام الناس بما هو غير حقيقي! وما نراه من تصاريح كاذبة ومزوّرة من أجل الحصول على أذن مسبق للذهاب أو الدخول إلى أماكن لا يسمح دخولها إلا بإذن أو تصريح رسمي نلمس أن هناك صورة واضحة لذلك، فنجد البعض يؤيدون ويصفقون لمن يأتون بتلك الآفات المريضة.
الغرب الاستعماري بحداثته لم يكن لديه تعاليم إسلامية ولا مساجد فيها خطب ومواعظ ولا قرآن يتلى مع هذا عم الصدق والعدل والمساواة واحترام الإنسان في أرضهم، وأرسى أسس المؤسسات وقام بتعبيد الطرق وبنى المدن وسير الإدارات وفتح المدارس وغيّر مناهج التفكير والتعبير والمعاملة، وأعطى إمكانية خلق حياة ووعي متجددين في فكر الإنسان الغربي، وظل الإنسان الشرقي على أساليبه التقليدية من دون تطوير ومن دون حصانة أو حماية لها، والذي مهد الطريق للغرب المتسلح بالحداثة بغزونا فكرياً وثقافياً.
في البلاد العربية الناس تقرأ القرآن الكريم كل يوم، وتستمع إلى أشهر القرّاء تلاوة للقرآن الكريم في كل مكان، في العيادات والمحلات التجارية، في الحافلات والتكاسي، وفِي البيت والشارع والمقهى والعمل تسمع الهواتف تصدح بالأذان والأناشيد الدينية، وفِي يوم الجمعة يركض الناس إلى صلاة الجماعة في المسجد، ويدعون الله تعالى بأن يغير حال هذه الأمة! وهم يعرفون قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
كل هذا التدين..! إذاً من أين يأتينا الفساد، والكذب والخداع، والرشاوي، والمحسوبية، والكسل، والعنف، والانحطاط الأخلاقي، والجهل، وغيرها؟؟؟ أين الخلل؟