حول تزاوج الكلمة والصورة.. ماذا قال الشعراء والفوتغرافيون !

الجمالية حين تتزاوج فنًا لا انعتاق لها، هكذا ألمح رواد اللغة، لتصغي لها لصورة الفوتوغرافية، كهمس الجمالية في أذن الفن. لجأ بعض الشعراء إلى معانقة الصورة الفوتوغرافية لتفتح مجموعة ” كشتة ” الفوتوغرافية النافذة الضوء، كمشروح ينتظر استفحال اللقاءات الفنية الشعرية.

«القطيف اليوم» تناقش “تزاوج الكلمة الشعرية مع الفن الفوتوغرافي”، ولادة بكر، لتراهقها الأزمنة، لحين اشتداد عوده.

بينت الفوتوغرافية سميرة سليس أن تمازج الكتابة الشعرية على الصورة الفوتوغرافية، حين يجسدها الشاعر بقصيدته الشعرية، في معانيها الدلالية، أن الصورة تخضع لحدود المعاني، التي تفرزها القصيدة الشعرية.

ونوهت إلى أن الجمالية، التي تضيفها القصيدة الشعرية على الصورة الفوتوغرافية تعمل على تسليط الضوء على جمال رسالة الصورة، ومن ثم فهم رسالتها بشكل أوسع لدى المتلقي، لأنه فهم رسالة العمل الفني، لذا يختلف من شخص لآخر.

وأكدت بأن اعتبار المستوى الغير إبداعي شعرًا، يقصم ظهر الصورة الفوتوغرافية حين يعانقها، مشيرةً إلى أن الشعراء ليسوا جميعاً في مستوى واحد، وعليه فإنه يضيف للعمل الفوتوغرافي أو يخيب، لتكون قاصمة للعمل ويأخذها لمنحى آخر.

وقالت: إن كتابة الشعراء قصائد شعرية على الصور الفوتوغرافية، يعتبر تمازجًا بين الفنون، وإبرازها بالشكل الأجمل، فقد كان حلمي من البدايات في المجال الفوتوغرافي، كنت أقرأ الخواطر والقصائد على بعض الأعمال، أجدها تكون أقرب للنفس.

وتابعت: كنت أتمنى لو أخط بيدي كتابات تناسب العمل أو أجد من يكتب لأعمالي و – بحمد الله – ، فإن أول من كتب أحد أعمالي الشاعر رائد أنيس الجشي، لعملي في معرض ألوان الحياة، ثم الشاعر مالك فتيل لقصيدة ” الأم و طفلها “، التي لاقت الإعجاب الكبير من الجانبين الفوتوغرافي والشعري، وكان آخرها الشاعر علي الناصر، لعمل “بنت قطيفية” في أحد المنازل القديمة، ولفتت إلى أنه بمجرد نشر العمل تلقت اتصالاً، لاقتناء العمل من أحد الكتاب و المهتمين في المنطقة.

وذكر الفوتوغرافي حسين سلطان، أن الشاعر متلقٍ للعمل الفوتوغرافي، كحال متذوقي الفن، مفيدًا أنه يعبر عن الصورة بقصيدة شعرية.

وأكد أن اجتماع الفنون و تزاوجها بصريًا و لفظيًا – على سبيل المثال لا الحصر – ، يسجل لوحة فنية أخرى، تولد من رحم العمل الفوتوغرافي الأساس، مشيرًا إلى أن الكلمات تعبير مجازي، سعيًا إلى إحياء صورة لغويًا، ناطقة بصريًا ودلاليًا.

وتحدثت الفنانة الفوتوغرافية عبير الفرج، رئيس مجموعة ” كشتة ” الفوتوغرافية، بأنهم يعملون بعد كل كشتة فوتوغرافية على فرز الأعمال وحفظها وأرشفتها، لإبراز الجميل منها من خلال مشاركة الشعراء والكتاب، ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعية للمجموعة.

وقالت: إن أغلب المشاركات التي تستحوذ على إعجاب الشعراء، التي تنطق بجمال محافظة القطيف، كذلك بعض اللوحات التي تستحضر عبق الماضي في مدينتنا، التي نحاول خلقها خلال بعض الكشتات الفوتوغرافية في البيوت القديمة والأحياء الشعبية.

ونوهت إلى أنه سيبزغ للعيان – بإذن الله – كتيبًا، تتزاوج فيه الصورة والشعر، بعد تجميع ما سطره الشعراء في حب القطيف وضمه بجانب الصورة الفوتوغرافية.­­

وأجابت في أنه لما لا يتم عمل معرض فوتوغرافي بجانبه النص الشعري: بأنه قبل عامين، كانت ثمة في تجربة جميلة جداً للفوتوغرافي بدر المحروس والشاعر مالك الفتيل، مؤكدة جميل لو تكررت في الساحة بجهود جماعية وطريقة مميزة أكثر في العرض.

وبين الشاعر مالك فتيل، أن تجربته في محاكاة الصورة الفوتوغرافية شعرًا، هي تجربة تُعنى في مضمونها مشاركة الأصدقاء من الفوتوغرافيين، اشتغالاتهم وهمومهم الفنية عبر كتابة نص شعري محاذي للحظة المختزنة بين أبعاد الصورة.

وأشار إلى أنه يتم المشاركة من خلال اعتبار الصورة موقعًا، لانطلاق النص الشعري إلى فضاءاته الخاصة دون التقيد بحدود الصورة نفسها، وقال: النص الشعري يتعلق بالصورة، كلحظة ميلاد فقط، ومن ثم يخلق بنفسه بقية حياته بأسلوبه وأدواته الخاصة.

وأجاب في أن الشاعر في الوهلة الأولى لانسياب قصيدته تأتيه الفكرة عنوة أحيانًا، وأحيان أخرى، يستقرؤها من البيئة، وكيفية قراءة الصورة، بأن الشاعر، يستفيد من الصورة في هذه الحالة بتحديدها مركزًا لانطلاقته، بكونها قاعدة محددة مختارة مسبقًا من قبل الفوتوغرافي، ليبتعد بعدها منتشرًا في فضاءاته الشعرية الخاصة.

وأوضح: ولعل الصورة تكون بمثابة القادحة لزناد المشاعر، التي بدورها قادرة على توليد نص شعري جديد.

وعن توجس الشاعر من الصورة الفوتوغرافية، فك طلاسمها، لينسجها شعرًا، إنه في الغالب، يتم اختيار الصورة بعد التشاور والاتفاق مع المصور، حيث يرغب المصور في إبراز صورة محددة من بين إنتاجه.

وقال: كما وأنني أرغب في الكتابة حول ما يناسب ذائقتي وموضوعاتي الشعرية، لذا لا يوجد ما يوجب التوجس في هذا الأمر.

ورأى في أن القصيدة قد تقعر من ومضات الصورة من خلال التعبير عن الصورة، ليتقنه التعبير، إن لكل فن فضاءه المحدد، وشبكته الخاصة من المفاهيم والاهتمامات، وأساليبه التعبيرية، التي تحمل إشاراته الخاصة، لذا فالقارئ للنص الشعري المحاذي للصورة، سيجده نصًا مستقلاً عن الصورة.

وتابع: كذلك الصورة مستقلة عن النص، وهذا أمر طبيعي جدًا، فلا القصيدة تستطيع وضع إطار لمقصودات الصورة، ولا الصورة يمكنها أن تفعل ذلك بالنص الشعري.

وقال: شخصيًا لا يوجد لدي ما يُسمى بأسس منطقية لقراءة الصورة، بل على العكس، أرى أن المتلقي عند لقائه الأول بأي عمل فني أو أدبي عليه أن يستسلم تمامًا له، أن يستسلم بالمعنى الفينومينولوجي، أن يعلق الحكم، أن يُنحّي جانبًا كل أدواته النقدية وكل أحكامه المسبقة، أن يستسلم بشكل تام، عليه أن يتلقى العمل بكل تواضع وخضوع، يستقبله في أعماقه، يتفهمه، يتعاطف معه.

وفيما يخص العلاقة بين الشعر والفن البصري، علق: إجمالاً هناك فضاء مشترك بين جميع الآداب والفنون من شعر ورواية ومسرح وموسيقى وتشكيل ونحت وتصوير.

وأكد أن هذا الفضاء المشترك، هو ما يسمى بالميتافيزيقا، ما بعد المادة، فجميعها تعدُّ اشتغالاتها خارج الماديات، حيث الخيال والأساطير والمفاهيم والأفكار، إنه عالم المُثل والتصورات على حد تعبير الفلاسفة، هناك حيث تمتاز الموجودات بتقديرات ذاتية، بحتة أو شبه بحتة، تتعايش جميع الفنون والآداب في هذا الوطن المشترك، وفيه تترابط اجتماعيًا، تتجاور وتتشارك، وتتحاور أيضًا.

وأيد وجود النص الشعري في مقابل الصورة الفنية بالمعارض الفنية، وقال: ليس هناك مانع من أن تتشارك الفنون والآداب المنصات والمعارض، طالما هناك رسالة مشتركة، تكون هناك مساحة مشتركة، تجاور، وتشاركُ أكثر من أداة تعبيرية، لإشارة أو رسالة واحدة قد تؤدي إلى التكثيف والتركيز.

وشكر بكل الامتنان أصدقاءه الفوتوغرافيين، الذين سمحوا له ولنصوصه مشاركتهم إبداعهم، الذي طالما استدعى أجمل وأعمق الأفكار والرؤى.

وبين الناقد والكاتب محمد الحميدي، أن العالم على هيئة صورة، بكون العالم صورة، سواء أقبلنا هذا الرأي أم اختلفنا معه، فإن الحقيقة الماثلة في معناه تتضح يومًا إثر آخر، إن العالم اليومي المعاش بات قرية كونية لا تفترق فيه الواحدة عن البقية.

وقال: ما نجده في الغرب، ينتقل بصريًا إلى الشرق، كذلك الحال بين الشمال والجنوب، إن نقطة الالتقاء ليست أكثر من عدسة كاميرا أو مصور محترف، أدمن التقاط مثل هاته الصور، بل ربما يتعدى الأمر إلى أن تصوير هاوٍ من الهواة، ينتشر عبر الشبكة العالمية، وينال الإعجاب الكبير والثناء البالغ، مؤكدًا أن زماننا الحالي زمان الصورة بكل أشكالها الناطقة والصامتة.

ونوه إلى أن العلاقة بين الصورة – بنوعيها الصامت والناطق – والشعر وكيف تتفاعل معه، هي علاقة قديمة، من حيث طبيعة النشأة والتكوين، ينبعان من النهر نفسه، فكما أن الشعر فن، كذلك الصورة فن، وقال: إن العلاقة بينهما قديمة قدم اللغة، رغم أنها لم تبرز بشكل لافت إلا في السنوات الماضية، خصوصًا مع اختراع الكاميرا وسهولة انتقالها من محيط إلى آخر.

وأفاد أن اللغات الأولى، مثل الهيروغليفية، لغات تصويرية هدفها نقل معنى إلى المتلقي، وهو على كلٍّ وظيفة اللغة الأساسية، حيث تنقل من خلالها الأفكار والمشاعر.

وسأل هل للصورة في زماننا الحالي ذات الوظيفة، نقل الأفكار والمشاعر، مجيبًا أن الصورة وثيقة تقدمها الكاميرا، تجعلنا أمامها في حالة ذهول من تطابقها الشديد مع الواقع، ولكنها في ذات الوقت، تفتقد إلى الدلالة التوجيهية.

ولفت إلى أننا ربما نجد صورة من الصور، تحمل معنًى من المعاني، ولكن هذا المعنى لا يظهر لنا بوضوح، ليأتي دور الشرح والتعليق، الذي ينتقل بالصورة من حالتها الصامتة إلى إعطائها دلالة محددة، مؤكدًا بأن هذه وظيفة لغوية بامتياز، حيث أن الشرح والتعليق والإبانة وظيفة لغوية، وهو ما يعيدنا إلى اكتشاف مفهوم الصورة من الناحية اللغوية، وكيف يتم النظر إليها.

وأضاف: بدأت الثورة اللغوية مع لسانيات “دي سوسير”، الذي قدم ثلاثة مصطلحات، هي اللغة واللسان والكلام، هذه المصطلحات لا تتناول جوانب اللفظ فقط بل تتطرق لموضوعات الصورة والرمز وإن كان بشكل إجمالي، ثم أتى “بيرس”، الذي بحث في العلامة والرمز ، منتقلاً من اللفظ إلى الصورة.

وتابع: بعدها انفتحت أبواب الدلالات على الأشكال والرموز، ومن ضمنها الصور، مؤكدًا على أن الانتقال لم يأتِ عبثًا بل هنالك الكثير من الدراسات، التي أكدت على أهمية الصورة وأنها داخلة ضمن اللغة وتابعة لها، وقال: في نهاية المطاف، ليست الصورة سوى شكل تعبيري، مثل الألفاظ تمامًا رغم افتقادها للاتساع اللغوي والقدرة التعبيرية العالية، وهو ما يؤدي إلى احتياجها إلى التأويل.

وبين أن الشاعر حينما يستند على الصورة في بناء قصيدته أو يضعها بجوارها، فكأنه يستعيد اللحظة الأولى للغة، لحظتها البكر الخالية من الدلالة، من أجل إعادة تشكيلها وتوجيهها ناحية دلالات جديدة، وهذه العملية تُعرف بعملية الخلق، منوهًا إلى أن الشعراء بشكل عام، يمارسون هذا الدور في كتاباتهم، يعتمدون على بناء الصورة اللفظية الصامتة منها، كالوصف المجرد أو المتحرك، كإدخال الصورة ضمن حركية القصيدة.

وقال: لا غرابة في أننا نشهد هذا التمازج أكثر في عصرنا الراهن بسبب توفر الأدوات المساعدة كالكاميرا.

وذكر بأنه يمكن قراءة الصورة مثلما نقرأ اللفظ، الأسس المستخدمة هي نفسها، موضحًا أنه من ناحية أولى، ينبغي معرفة حدود الصورة أو إطارها الذي تنتظم فيه، بعدها نقوم باكتشاف مكوناتها أو الأشكال الموجودة بداخل هذا الإطار، ومن ثم نعمل على تحليلها وفهمها وصولاً إلى إعطاء تأويل لما تحويه.

وقال: هي ثلاث مراحل تحدد الصورة وتعطيها دلالتها، هي أيضًا المراحل الثلاث التي يمر بها العمل الشعري من حيث التلقي، فالكاتب يستخدم ألفاظه ضمن إطار محدد هو القصيدة، وهذه القصيدة تحتوي على العبارات أو الصور المتتابعة، وعبر هذه الصور نصل إلى فهم القصيدة.

وأكد على أن الصورة تحتوي جزءًا صغيرًا من إمكانات اللغة، بينما القصيدة تحتوي مجموعة من الأساليب والإمكانيات، التي تجعلنا في اندهاش تام، ولهذا فالصورة يجوز تصنيفها بأنها تابعة للفظ وليست متجاوزة له، أما الاهتمام الكبير بها في عصرنا، يعود إلى سهولة استقبالها وقراءتها، فالألفاظ والعبارات أكثر غموضًا وأعمق وأدق في استنطاق المشاعر والتعبير عن الأحاسيس، وتنقل لنا ما لا تستطيع الكثير من الصور إيصاله، ولو توقفنا عند مثال صغير كالحوار مثلاً، لوجدنا الصورة لا تخبرنا شيئًا، بينما الألفاظ يمكنها نقل الدلالة بكل سهولة.

وبين أن شأن العلاقة بين الشعر والفن البصري موجودة، وأنها ليست وليدة المدة الزمنية القصيرة، التي ظهرت وراجت فيها حاليًا، وقال: خلال تطوافك بين الكتابات القديمة تجد التمازج بين المنمنمات والأشعار أو الحكايات القديمة “المقامات”، فالعلاقة قديمة منذ قرون سابقة، واستعمالها الآن يأتي لتجديد الحيوية في الفنين معًا؛ فن الرسم والتصوير وفن الشعر والرواية.

وأشار إلى أنه في العصر الحديث سبقنا الغرب في مزج الصورة بالكلمة واستلهم العرب تجاربهم المتنوعة إلى أن شاهدنا بعض المؤلفات تحتوي على الفنين مجتمعين ضمن دفتي كتاب واحد، كما هي في إحدى تجارب قاسم حداد الشاعر والأديب البحريني.

ورأى بأنها تجربة فريدة، حينما يمتزج الشعر بالصورة الفوتوغرافية أو الرسم، سنكون أمام انفتاح تأويلي كبير، يساعد على فهم وتذوق الفنين معًا، فالصورة وحدها لا تعطينا الدلالة الكافية، بل ربما لا تنقل لنا المشاعر بكاملها، بينما الشعر يستطيع ذلك، يحدث امتزاج بصري صوتي، حيث المؤثرات تتكاثر و تتركز، إلى أن تبلغ بنا حالة “النشوة “، التي ربما تكون أعلى حالات استقبال الأعمال الفنية.

وقال: عمومًا نستطيع القول أن وجود الفنين إلى جوار بعضهما البعض لا يلغي أحدهما ولا يقلل من أهميته بل على العكس لكل واحد منهما مريدوه وعاشقوه، وما اجتماعهما معًا إلا لتأكيد الحالة الفنية الرفيعة، التي وصل إليها مجتمعنا الثقافي.

ووجه كلمة للشعراء والفنانين، وقال: من السمات الرئيسة في الفن كي يتطور، ويرتقي، ويصل إلى أماكن قصية لم يبلغها بعد، هو التجريب، لا تخش من التجربة الجديدة، مارسها، اندمج معها في التنور، ولا تخش احتراق القرص، سيكون ناضجًا، وستتفاجأ كم أنت طاهٍ ماهر.

نماذج

تصوير: عبير علي, شعر: مالك فتيل

أنا #القطيفُ.. فؤادي بعضُ طينتها
ويومُها.. كلُّ تاريخي وما كُتِبا

نسجٌ أنا من بقايا خوص نخلتها
وقطرةٌ من معينٍ جادَ فانسكبا

ظلاً تمدَّدَ بين الدورِ أحسبُني
وخِلْتُ أنّيَ كنتُ الشمسَ والسُحبا

ما غازلت زهرةٌ أخرى بنظرتها
إلَّا وكنتُ رسولَ الوصلِ والكُتُبا

وما سرى في رمال السِيفِ من زَبَدٍ
إلّا وكنتُ شراعاً غارَ فاضْطَربا

أنا “نواصفـ”ـها.. الأطفالُ تقرعني:
“زِدْنا” حلاوةَ أفراحٍ وما عذُبا

وما نعى منبرٌ يوماً بواعيةٍ
إلّا وكنتُ نشيجاً صاحَ منتحبا

أنا الحسين على أعواد منبرها
وصَدرُ أحزانها الأوفى بما رَحُبا

ما كنتِ يا “خَطُّ” إلّا كلَّ شاعرةٍ
من الحواسِ تفيضُ الشِعرَ والأدبا

يشْتاقُكِ الشِعرُ طَعماً بين أحرفِهِ
كما اشْتهى تائبٌ عنْ كأْسهِ العِنَبا

تصوير: حسين سلطان, شعر: مالك فتيل

ما ضرَّ لو رَفِقَتْ بك الأحلامُ؟
وتَلطَّفتْ في خَطوِها الأعوامُ

عَجلى، كأنَّ العُمرَ غَفوةَ مُتعبٍ،
كَمِنتْ لهُ بِدهائِها الأيامُ

ألْهتْكَ عن مخِّ الحقائقِ خِفيةً
وتمكَّنتْ من فعلها الأوهامُ

تغزوكَ من بعد السعادةِ شَقوةٌ
وتجدُّ فيكَ بنصْلها الأسقامُ

تمضي، ونحسبُها وقوفاً عندنا..
هيَ خِدعةٌ!.. والعارفونَ نيامُ!

تسْتلُّ منَّا في الظلامِ صفاءَنا
وتعزِّزُ الأكدارَ حيثُ أقاموا

فكأنَّ أخضرَها اصفرارٌ يابسٌ
وكأنَّ فجرَ ضيائِها إظلامُ

تصوير: سميرة سليس, شعر: علي الناصر

بِحَيْرةِ الطِّينِ لا . بلْ حَيْرةِ الماءِ
تمثَّـلَ الحزنُ في سِيماءِ سِيمائِي

بِـوَشْمِ كلِّ جِدارٍ كنتُ أحْضُنُـهُ
أبـلِّـلُ الحُلمَ في اسْتِرْسَالِهِ النَّـائِي

في وجهِ طفلتِهِ الوَلْهى أُدثِّـرُني
وفي تقاسيمِ هذا الحزنِ إيحائِي

وفي تَبَسُّمِ رملي في ارْتباكـتِهِ
أمدُّ للضوءِ ما أخفَـتْهُ ظلمائِي

وفي ملامحيَ السَّمراءِ من لغتي
تباعدتْ ألِفِي عنِّي وعنْ يائِي

مَلائِـكِـيَّـتُهُ ذابتْ بطينَـتِهِ
جرحُ السماءِ هوى وحيًا بإمضائِي

لا تَـنْـظُروا لي فأَسْمَالي مُعَـتَّـقَةٌ
بالحبِّ ، ليسَ هنا غيري وأشلائِي

نعمْ أدرْتُ يقيني نحوَ أُمنيتِي
فلَمْ تْجِـبْـنِي بغيرِ اللَّاءِ واللَّاءِ


error: المحتوي محمي