يقسم الفقهاء(رض) الأراضي إلى قسمين:
الأول: الأرض المحياة، ويقصد بها التي يمكن الإنتفاع بها والإستفادة منها لكونها عامرة، وعادة يكون ذلك بالزراعة أو التحجير.
الثاني: الأرض الموات، وهي التي لا ينتفع بها لكونها معطلة، فلا يمكن الإنتفاع بها بحالها التي هي عليه، كالأراض الحاصلة من ردم البحر مثلاً وتحويلها إلى أراضي سكنية، وما شابه ذلك.
وتختلف الأحكام المرتبطة بكل واحدة منهما، ذلك أن الأرض الموات لا تقبل التملك، وهذا يعني عدم انتقال ملكيتها للغير سواء كان ذلك ببيع أم بهبة، أم بميراث، فكما لا يملكها المشتري من البائع والموهوب من الواهب، لا يرثها الإبن من أبيه، وهكذا.
وهذا بخلاف الأرض المحياة، فإنها تملك وتترتب عليها جميع آثار الملكية، فيمكن بيعها وهبتها وإرثها.
ومن الآثار العملية المترتبة على عدم ثبوت ملكية الأرض الموات عدم تعلق الخمس بها، لأن الخمس إنما يكون في الشيء المملوك، والفرض عدم ثبوت ملكيتها لمن أخذها ولو بشراء أو هبة مثلاً. وهذا بخلاف الأرض المحياة فإنه يتعلق الخمس بها على تفصيل في ذلك.
المملوك عوض المدفوع:
وقد وقع الخلاف بين الأعلام في المملوك مقابل المال المدفوع في شراء الأرض الموات، ذلك أن الناس يدفعون أموالاً إزاء اراضي البحر المدفونة مثلاً والتي تعرف شرعاً بأنها أرض موات كما سمعت، ولا تملك، فأختار الإمام الخوئي(ره) أن المشتري يمتلك حق الإختصاص بالأرض الموات، فيكون المال الذي دفعه بإزائها موجباً لثبوت حق الإختصاص له عليها.
ومن المعلوم أن حق الإختصاص حق قابل للبيع والهبة، كما يقبل التوارث أيضاً.
بينما جعل الإمام السيد السيستاني(دامت أيام بركاته) المملوك للمشتري، هو خصوص القيمة التي دفعها مقابل الأرض الموات ليس إلا.
ثمرة القولين:
وتظهر الثمرة بين القولين في أمور عديدة نشير لواحد منها وهو الخمس، فإنه وفقاً لرأي الإمام الخوئي(ره)، سوف يتعلق الخمس بحق الإختصاص الثابت للإنسان على الأرض الموات، وهو أمر يقبل الزيادة والنقيصة، فيلزم الخمس في زيادته، لأنه حق قابل للمالية، فلو كان حق الإختصاص على الأرض يساوي في سنته الأولى مليون ريال، وزاد في السنة اللاحقة فبلغ مليوني ريال، وجب عليه الخمس في الزيادة، وكذا لو نقص عن المقدار الذي كان عليه لم يجب الخمس فيه، وهكذا.
وهذا بخلافه وفقاً لرأي الإمام السيستاني(دامت بركاته)، فقد عرفت أن المشتري إنما يملك القيمة التي اشترى بها الأرض الموات، وعليه سوف يكون الخمس متعلقاً بالقيمة المدفوعة، سواء ارتفع سعر الأرض التي اشتراها أم انخفض، فلو اشترى الأرض بمليون ريال، وبلغت قيمتها عند حلول رأس سنته مليوني ريال، لم يجب إلا إخراج خمس المليون فقط، وكذا لو نقصت قيمتها فصارت خمسمائة، وجب عليه تخميس المليون ريال أيضاً وهكذا.
استثناء قيمة الأرض الموات من الخمس:
ثم إنه لما كانت الأرض الموات غير مملوكة لمشتريها، فلو اشترى شخص أرض موات بالدين، فإنه تستثنى قيمتها من الموجودات في الخمس في سنة الدين الأولى، شأنه شأن بقية الديون الأخرى.
بل ولا تستثنى قيمتها من الموجودات في السنوات اللاحقة لحين انتهاء الدين من الموجودات وفقاً لفتوى السيد السيستاني (دامت بركاته)، ولو كانت تلك الأرض للسكنى، لأنها لا تعدّ من موؤنته والحال هذه، لما عرفته في ما تقدم من عدم ملكية المشتري إليها وفقاً لفتواه(أطال الله في عمره الشريف).