هدايا الزوجين

من الأمور المتعارفة في المجتمعات تبادل الهدايا بين الزوجين سواء في فترة الخطوبة، أم بعد الزواج، فيقدم كل واحد منهما للآخر هدية بمناسبة ما، سواء كانت المناسبة اجتماعية وهي ذكرى ولادته، أو قدومه من سفر، أم كانت مناسبة دينية كعيد من الأعياد، أو ولادة أحد المعصومين(ع).

ومن الواضح ملكية المهدى للهدية بمجرد قبضه إياها، لكن لو أراد المهدي الرجوع في الهدية والمطالبة بها نتيجة حصول خلاف وشقاق بينهما، كما لو قررت الفتاة فسخ خطبتها من الخاطب، أو عزم الزوج على طلاق زوجته، فهل يحق لكل واحد منهما المطالبة بالهدايا التي قدمها للآخر أم لا؟

لما كان عقد الهبة وفق ما يذكره الفقهاء من العقود الجائزة بمعنى أنه يجوز للواهب استرجاع ما وهبه للموهوب، فإنه يجوز لكل واحد منهما استرجاع جميع ما أعطاه للآخر وأخذه. نعم يستثنى من ذلك موارد:

منها: ما إذا كان أحد الزوجين رحماً للآخر كما لو كانا أبناء عم أو أبناء خالة، أو كانت المخطوبة أبنة عمته، أو ابنة خالته.

ومنها: ما إذا تصرفت الزوجة في الهدية التي أعطاها إياها الزوج مثلاً بحيث خرجت عن ملكيتها كما لو قامت بإعطاء هديته لأمها، أو لإحدى صديقاتها، أو قام الزوج ببيع الهاتف الذي أهدته إياه الزوجة، أو أن الهدية قد تلفت كما لو انكسر الهاتف الذي أهدته الزوجة لزوجها.

فإنه لا يجوز لأحد الزوجين القيام باسترجاع الهدية التي أعطاها للآخر في هذين الموردين، بل تكون الهبة لازمة لمن أخذها، ومملوكة له.

نعم ليس من التصرفات الموجبة للزوم الهبة التصرفات العادية المتعارفة كلبس الذهب والساعة، أو استعمال الهاتف، أو ركوب السيارة، فإن حصولها لا يمنع من رجوع الواهب في الهبة والمطالبة بها واسترجاعها، فلو أهدت الزوجة زوجها سيارة وقام باستخدامها مدة من الزمن، يجوز لها المطالبة بها بعد ذلك وإن كان الزوج قد ركبها واستخدمها.

شبكة الخطوبة:
ثم إن ما ذكرناه من هدايا يجوز لكل واحد من المخطوبين أو الزوجين الرجوع فيها ما دام يصدق عليه عنوان الهبة والهدية، أما ما لا يكون كذلك لكونه معدوداً من المهر والصداق فإن له حكماً آخر. نعم بالنسبة للشبكة التي تعطى عادة مع الصداق عند الخطوبة والعقد، فإن عدت عرفاً من المهر أخذت حكمه، وإن عدت من الهدايا جرى عليها ما تقدم ذكره من جواز الرجوع وعدمه.

تنبيهان:
الأول: الأحوط استحباباً عدم مطالبة الزوج بما أعطاه لزوجته حتى لو لم تكن الهبة لازمة.
الثاني: قد عرفت أنه يجوز لكل واحد من الزوجين أو الخاطبين أن يسترجع الهدايا التي أعطاها للآخر، وهذا يعني أن يرجع إليه عين الهدية التي أعطاها له حتى لو كانت مستعملة وليس له الحق في المطالبة بإستبدالها بواحدة جديدة، لأن الموجودة لو كانت في حكم التالفة أصبحت الهبة لازمة كما ذكرنا.


error: المحتوي محمي