صلاة المسافر

بسمه تعالى
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
أخي وعزيزي الفاضل / جعفر الصائغ حرسكم الله ورعاكم
تفضلتم بمسألتكم بخصوص صلاة المسافر والموضحه أدناه ونظرا لأهميتها ومورد الابتلاء بها عند الكثير من أبنائنا شملهم الله تعالى بلطف عنايته

نص المسألة :-
من كان عمله في السفر
يصلي تمام حتى لو كان سفره لغير عمله.
السؤال لو لم يعلم بهذه المسأله ومرت عليه سنوات وهو يصلي قصراً إذا سافر
فهل يجب عليه إعادة الصلوات
علما أنه لم يقلد أحدا قبل السيد السيستاني دام ظله الشريف.
وكان جاهلا بالحكم او بالموضوع
او بهما؟ ؟
ونظرا لأهميتها كمورد ابتلاء
سوف أتعرض لبيانها على منهجية البحث الإستدلالي لتعم الإفادة.
أولا:- أصل التشريع لصلاة القصر

القرآن الكريم /
قال تعالى: ﴿وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة، ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا* وإذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ولياخذوا اسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتات طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك ولياخذواحذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لوتغفلون عن اسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة} (1). ان اللّه عز وجل يقول: ﴿وإذا ضربتم في الا رض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة﴾ فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.

ان الإمام (عليه السلام ) لم يتعرض للخوف الذي جاء شرطاً في الآية، فكأنه (عليه السلام ) بين أنه موضوع آخر مستقل موضوع السفر وليس قيدا فيه. فالخوف بذاته سبب مجوز للتقصير، كما ان السفر أيضا سبب، ولا ربط لأحدهما بالآخر.فالآية وان كانت ظاهرة في القيد، وأن أحدهما قيد للآخر، لكن فعل الرسول (صلى الله عليه و آله ) وسائر الائمة واصحابهم ، دلنا على هذا التفصيل، وأن كلا منهما موضوع مستقل لجواز القصر، وهكذا بين الإمام (عليه السلام ) وبيانه حجة علينابالاضافة إلى عمل الرسول (صلى الله عليه و آله).
ثانيا:- السنة المباركة من روايات أهل البيت عليهم السلام .

1- روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: ” قلنا لابي جعفر عليه السلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي، وكم هي؟ فقال: إن الله عزوجل يقول: ” وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ” فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله عزوجل: ” فليس عليكم جناح ” ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله عزوجل في الصفا والمروة: ” فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناج عليه أن يطوف بهما ” ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان الله عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى الله عليه وآله وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه .قالا: قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قد قرء‌ت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فانها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات(2).

2-وعن موسى بن عمر، عن علي بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة، فان تركه رجل جاهلا فليس عليه إعادة.

3-صحيحة زرارة عن الامام الباقر (عليه السلام): في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال (عليه السلام): اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة، فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شيء عليه وقد تمت صلاته.
**(هذه الرواية سوف أوضح سبب التعرض لها في خلاصة المطلب للبحث إن شاء الله تعالى)

ثالثا:- الجنبة الفتوائية.

1-مسألة 949) : إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد ، إلا في المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلا بأن حكمه التمام ، فإن الأظهر فيه الصحة . (زعيم الاعظم للطائفية السيد الخوئي قدس سره الشريف ) .

2-مسألة 946: إذا قصّر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد، بلا فرق في ذلك بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ، نعم المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأنّ حكمه التمام ثم علم به كان الحكم بوجوب الإعادة عليه مبنياً على الاحتياط الوجوبي.(زعيم الحوزة العلمية النجفية السيد السيستاني دامت بركاته) .

كما يتضح بأن النصوص لا تشمل باقي الصور الأخرى لحاكمية الروايات و خصوصيتها في المقام أي لمورد من أداء صلاته قصرا في مورد التمام للمقيم خاصة ولا يمكن تسريتها للصور الآخرى .كما ورد في السؤال لعدم مساعدة الأدلة على صحة صلاة الجاهل قصراً في مورد التمام مما يلزمه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه .

خلاصة المطلب:-
تعرض الفقهاء رضوان الله عليهم
لموردين يعفى فيهما المكلف اذا كان ناسيا أو جاهلا بالحكم من أصله.

1-اذا أتم في مورد القصر وكان ناسياً أو جاهلاً بالحكم .

2-اذا جهر في موضع الاخفات، أو اخفت في موضع الجهر. ناسيا أو جاهلا بأصل الحكم . كما هو محل إتفاق المراجع رضوان الله عليهم .نص الفتوى(( إذا جهر عمداً في موضع الإخفات أو أخفت عمداً في موضع الجهر بطلت صلاته على الأحوط لزوماً، وإذا كان ناسياً أو جاهلاً بأصل الحكم أو بمعنى الجهر والإخفات صحّت صلاته، وإذا تذكر الناسي أو علم الجاهل في أثناء القراءة مضى في القراءة، ولم تجب عليه إعادة ما قرأه))
**هذا ما أحببت أن أشير إليه لأهمية إستعراض الرواية في بحثنا هذا لمناسبة حكمها في المقام .

3-اما اذا قصر في محل الإتمام، كما هو في مفروض السؤال المذكور تلزمه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه . لأنه أتى خلاف ما هو مأمور به وهذا خلافا للقاعدة الأولية للحكم . أما تصحيح صلاة المكلف في مورد الإقامة وذلك راجع لورود النص الخاص في المقام .

أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يصل إلى أعلى درجات الكمال بالتفقه في أحكامه وأتباع هدي نبيه وأهل بيته عليه وعليهم آلاف التحية والسلام .

– هذه البحوث المباركه من بعض نفحات أستاذنا آية الله الشيخ فتحي الجنوبي دامت بركاته .

*المصادر :-
1- الآيتان رقم101• 102سورة النساء
2-التهذيب 3: 221 | 552، اورده في الحديث 4 من الباب 15 من هذه الابواب.


error: المحتوي محمي