إذا هبّت رياحكَ فاغتنمها!

كانت الرياح عالية النشاط خلال اليومين الماضيين، الثالث والرابع من حزيران/ يونيو 2023م وبدا أنها سكنت اليوم أو خفّ هبوبها، فتذكرتُ شعرًا ينسب للإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، تلك الشخصية التي اجتمع فيها من الحكمة والبلاغة ما ندر في غيره وما تذكرته هو قوله:
إذا هبّت رياحكَ فاغتنمها * فعقبى كلّ خافقةٍ سكونُ

كان والدنا رحمه الله – ورحم كلّ أب – بحارًا وفلّاحًا في آنٍ واحد ويعرف قيمة الرياح؛ بعضها رياح طيبة تجلب الأسماك بأعداد كبيرة وبعضها رياح عاصفة تعطل الصيد وتطرد الأسماك! يبتهج بالرياح التي تعود عليه بالصيد الوفير ويبغض الرياح التي تجلب له الخسارة!

في هذه الآونة تعتبر الرياح جزءًا مهمًّا من الطاقة المتجددة لإنتاج الطاقة الكهربائية وانتشر استخدامها كبديل – أو مساعد – للوقود الأحفوري، وهي طاقة وفيرة وقابلة للتجدد، علمًا بأن وفرتها تختلف من موقع إلى آخر ودولة وأخرى!

توربينات تحول الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة ميكانيكية أو كهربائية، وتستخدم الطاقة الناتجة في مجالات مختلفة؛ كالصناعة والزراعة وغيرها. القارئ الكريم إذا أراد أن يعرف المزيد عن طاقة الرياح وأي دول العالم أصبحت تستخدمها في استطاعته أن يجد المعلومات في الشبكة العنكبوتية. أما ما أردت أن أستفيد منه من بيت الشعر فهو التالي:

في الحياة فرص تمر سريعًا ونادرًا ما يحرم المرء منها كلية فإذا وجدت نفسك في وسط فرصةٍ رابحة اتبعها حتى النهاية واستفد منها؛ تجارة، فرصة عمل جيدة، دراسات عليا، استثمار، كتابة كتاب، نشاط جسماني! لا تكن جبانًا وتخسر الفرصة فإنها قد لا تعود مرة ثانية!

الحياة أقصر من أن نتردد “فاز باللذات من كان جسورًا”. فترة الشباب هي الفترة الأكثر نشاطًا وهمة، لكن كل عمر وله ما يناسبه من طاقة وحركة ونشاط. بعضنا تهب رياحه في فترة الشباب وبعضنا في فترة متأخرة من العمر، كل بحسبه. أما إذا انتظر الإنسان الفرصة المثاليّة فعلى الأغلب لن ينجز مهمةً واحدةً في حياته.

مع أني وجدت بيت الشعر منسوبًا لأكثر من شخص إلا أنه يناسب ما روي عن الإمام علي عليه السلام من الحث على اغتنام الفرص:
– انتهزوا فرص الخير، فإنها تمر مرّ السحاب.
– الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.
– الفرصة خلسة.
– الفرصة غنم.

من جميل ما ورد عنه عليه السلام في ذات المعنى: “إن للقلوبِ إقبالًا وإدبارًا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصِروا بها على الفرائض”. ما يعني إذا وجدت من نفسك نشاطًا وهمّة لا تكتفي بالقليل وإذا وجدت في نفسك فتورًا فانجز ما يجب إنجازه وكفى!



error: المحتوي محمي