أن تكون وسط جو مفعم بلون الطبيعة ليومٍ كامل فمن النادر أن تخرج عنه بشيء غير إبداعي خاصة إذا كنت تنتمي لعالم الفن التشكيلي، وهذا ما نتج فعلًا عن ملتقى عسق الخليجي في نسخته الرابعة، والذي كان بمزرعة الصباخ بالأحساء وجمع نخبة من فنانات القطيف تشاركن مع فناني المملكة والبحرين والكويت وقطر والسعودية في أواخر شهر شعبان لهذا العام.
وأفضى نتاج الملتقى عن مائة عمل عُرضت في معرض ملتقى عسق الرابع الذي اختتم السبت 14 ذي القعدة 1444هـ وشارك فيه من فناني القطيف قرابة 14 فنانة هم: تهاني الشبيب، فاطمة آل مطر، سعاد أوخيك، حميدة السنان، مهدية آل طالب، دلال الجارودي، ليلى نصر الله، يثرب الصدير، عفاف الجشي، رجاء الشافعي، زكية المتعب، منى الشيخ، أزهار المدلوح، كريمة المسيري، وكان لـ«القطيف اليوم» لقاء مع بعضهنّ.
المدينة قبل 65 عامًا.. بريشة “آل مطر”
تتأثر بالطبيعة من حيث هدوئها وألوانها لينعكس جمال الطبيعة على جمال ما تنتقي من ألوان، وهذا ما ساعد شخصية الفنانة التشكيلية فاطمة حسن آل مطر المحبة للطبيعة في تلوين صورة قديمة أحادية الألوان لتغدو بفرشاتها لوحة ذات لون زاهٍ يعكس ألوان الجمال.
وعن مشاركتها الثانية في ملتقى عسق الخليجي تقول آل مطر: “شاركت في هذا الملتقى بلوحة عن حرم الرسول ﷺ والقبة الخضراء، وربما تأثرت بالخضرة التي سادت المكان مع الجمع الجميل والقلوب المملوءة بالخضرة، فالكل كان يرسم بحب وسعادة فيه ليعطي أجمل ما عنده”.
وأكملت: “اللوحة كانت لصورة قديمة لحرم الرسول ﷺ منذ ما يقارب 65 عامًا، رسمتها بألوان الإكريليك وبأسلوب تأثيري”.
وذكرت “آل مطر” أن عملها وكذا أعمال الجميع أنجزت كلها في يوم واحد فقط من الصباح إلى المساء برسم حي مباشر للجميع، حيث تم توفير جميع متطلبات الفنانين من لوحات وألوان وفرش وغيرها من أدوات يحتاجها الفنان لعمله في الملتقى.
وعبرت عن سعادتها بالمشاركة بقولها: “سعيدة جدًا بهذه المشاركة مع هذه الكوكبة الرائعة والقامات الفنية المتميزة المشاركة في هذا الملتقى الذي تعانقت فيه الفرش والأرواح الفنية والخبرة والإبداع في جو أخوي جميل تسوده المحبه والألفة بين الجميع”.
ونوهت بأن الملتقى كان للفن بجميع أنواعه؛ من الرسم، والخط، والنحت، والحياكة، كما كانت هناك ورش ودورات فنية أقامتها مجموعة من الفنانين، مبينة أنهم تعلموا واستفادوا واستمتعوا كثيرًا بالتعرف على الكثير في أجواء خضراء جميلة.
ووصفت “آل مطر” الملتقى بأنه ناجح بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ من تنظيم وإدارة ومتطوعين وكرم وضيافة، موجهة كلمة شكر قالت فيها: “كل الشكر والامتنان لهم وبالأخص الأخت الرائعة والأم الحنون الحاضنة للكل سلمى الشيخ والأخت صابرين الماجد”.
“الشبيب” ترسم الهوية الشرقية
بصورة امرأة ترتدي العباءة والبرقع والملابس التقليدية مع تمازج الحروف العربية مثلت فيها الفنانة التشكيلية تهاني الشبيب هوية المرأة الشرقية في مشاركتها الأولى في ملتقى عسق الخليجي حيث قالت: “كان لي الشرف بالمشاركة في ملتقى عسق الخليجي في نسخته الرابعة حيث كانت مشاركتي هي الأولى في هذا الملتقى المميز من خلال التنظيم والفعاليات”.
وتابعت: “أما عن مشاركتي فيه فكانت بلوحة لامرأة متسربلة بالملابس التقليدية بألوانها الجذابة حيث عبرت خلالها عن هويتي الشرقية واعتزازي بها”.
وذكرت “الشبيب” أنها استخدمت ألوان الإكريليك وتقنيات الكولاج ولمسات من الحروف العربية ليرتبط جمال اللون بسحر الحرف متمازجًا بحلة شرقية تعبيرية متمازجة.
وأشارت إلى أن العمل استغرق إنجازه قرابة الأربع ساعات ما بين الرسم واللقاءات والتعارف الفني مع الفنانين والفنانات الذين تشرفت بمعرفتهم.
“نصر الله” ترسم الخيل بالحياكة
بالفن التشكيلي تستطيع دمج أي فن بمعدات الفنان التشكيلي وهذا ما فعلته الفنانة التشكيلية ليلى نصر الله التي صنعت لها بصمة فنية من خلال استخدام تقنية الحياكة التي تميزت بها خلال عشرين عامًا في مسيرتها الفنية، والتي تحكي حياكة الخوص وتجميع الشتات ليكون قطعة جمالية مميزة.
وأنجزت “نصر الله” لوحتها “صهيل الخيل” المشاركة بها في مشاركتها الثانية بالملتقى مستخدمة ألوان الإكريليك التي بينت فيها فكرتها في عملها، موضحة أن رسم الخيل نهوض بالذات وطموح وإرادة.
ووصفت تجربتها في الملتقى بأنها كانت تجربة مميزة وقيمة جدًا وأنها من التجارب التي تساعد على الاطلاع وتقدم الفنان وتوسع مداركه.
“الجارودي” تعزف إيقاع الحرف على لوحتها
قد تكون الألوان غير كافية لإبراز الجمال في اللوحات الفنية ولكن حين يُعزف عليها سيمفونية الحرف العربي فهو يزيد ألوانها بهاء وهذا ما برز في لوحة الفنانة التشكيلية دلال إبراهيم الجارودي التي حملت اسم “إيقاع الحرف”.
واستخدمت الجارودي ألوان الإكريليك على لوحة كانفاس مع جيسو واستنسل وحروفيات عربية وكانت اللوحة بمقاس 70*90سم.
وتحدثت عن تجربتها الثانية في ملتقى عسق بقولها: “التجربه جميلة جدًا وممتعة مع المشاركين من الفنانين من دول الخليج العربي من قطر والعراق والكويت والبحرين، وكل منا لهُ بصمته في لوحاته، حيث تعددت الفنون من نحت على خشب أو نحت بالطين أو خط العربي أو الرسم بألوان الإكريليك أو الزيتي”.
وتابعت: “في يوم كامل أنجز المشاركون لوحة أو لوحتين وتعددت الأساليب والإخراج بأجمل صورة تتحدث عن جمال الأحساء وأصالتها من تراث أو لغة أو لباس ووصفها بلغة وأسلوب كل فنان مشارك في الملتقى”.
ووصفت “الجارودي” المشاركة بأنها مشاركة جميلة ومفيدة وثرية، حيث تتعرف على تكنيك كل فنان متميز بأسلوبه في لوحاته ومدى براعته في إنتاج لوحته خلال ساعات.
ووجهت كلمة شكر القائمين على الملتقى بقولها: “أشكرهم على الدعوة وأشكر القائمين على الملتقى؛ سلمى الشيخ، ودار نورة للفنون”.
يُذكر أن معرض عسق الخليجي الرابع نال استحسان الكثير وامتد قرابة ثمانية أيام، تزينت فيه جدران دار نورة بالأحساء بأعمال 80 فنانًا وفنانة من جميع مناطق المملكة ودول الخليج العربي تنافسوا في عرض إبداعاتهم في مجالات الرسم والخط والنحت والحياكة.