جزيرة تاروت.. أو ما يمكن تسميتها بأرض الحضارات أو جزيرة الأحلام

قال عميد المنقبين الآثاريين في الخليج العربي (جيفري بيبي) رئيس البعثة الدنماركية في الخليج العربي عن جزيرة تاروت أثناء زيارته لها سنة 1967م: “بدت لي تاروت أنها ليست مجرد أقدم منطقة في السعودية وإنّما أقدم موقع لمدينة في الخليج”.

ونحن حينما نتحدث عن أهمية هذه الجزيرة إنما نتحدث عن إرث وطني، وموقع زاخر بالكنوز التراثية التي لم تُكتشف بعد.

قلعة تاروت:
تعد قلعة تاروت من أهم القلاع الشاخصة وأقدمها على الخليج العربي، فعمرها يتعدى حوالي 1000 سنة، وتقع القلعة على تل أثري يعد سجلًا تاريخيًا توثيقيًا دلت المكتشفات الأثرية في التل الأثري على أنه من أقدم المواقع لمراكز الاستيطان في الخليج العربي حيث يصل عمق بعض المكتشفات الأثرية إلى الألف السادس قبل الميلاد (حضارة العبيد) يتعاقبها سلسلة من الطبقات التاريخية المتأثرة بالثقافات القديمة لعصر ما قبل الكتابة وعصر السلالات الحضارية في بلاد الرافدين وغيرها.

لهذا أقمنا موسم شتاء تاروت السياحي في العام 2015م لتكون القلعة والجزيرة هدفًا للتسويق للسياحة الوطنية في جزيرة تاروت، ولله الحمد بعد مضي أربع سنوات من إقامة المهرجان تم افتتاح بوابة قلعة تاروت للزوار حتى يومنا هذا، لتكون جزيرة تاروت موقعًا استراتيجيًا لجذب السياحة للمنطقة الشرقية.

وتعد قلعة تاروت واحدة من القلاع الساحلية المهمة لضمان أمن واحة القطيف واستقرارها قديمًا، إضافة لذلك تعد من أكثر تلك القلاع غموضًا وتعقيدًا، فقد كان لها دور بارز خلال كثير من الأحداث التاريخية في المنطقة، مما عرضها للدمار في كثير من أدوارها التاريخية، وجرت عليها عدة عمليات ترميم، والمتحصن فيها بالوقوف على أحد أبراجها يمكنه الإشراف بالنظر على جميع واحة القطيف بقراها، والمناطق المحيطة.

وجزيرة تاروت ثالث أكبر الجزر السعودية بعد جزيرة أبو علي، وجزيرة الباطنة، وهي إحدى أهم المراكز الحضارية الاستيطانية في الخليج العربي، فقد دلت الاكتشافات الأثرية على عمق وإرث حضاري كبير بها، وهي مركز مهم للاستيراد و التصدير، وارتبطت بعلاقات حضارية وثيقة مع بلاد الرافدين وفارس وبلاد الهند والسند وبقية المناطق المحيطة، والحضارات المجاورة مثل مجان، كما جذبت آثار تاروت وقلعتها كثيرًا من المهتمين بتاريخ وآثار وسياحة المنطقة.

ولله الحمد كان خبر دعم سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بتطوير الجزيرة لتكون في مصاف المدن المهمة في التطوير وبرنامج جودة الحياة، حيث أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ـحفظه الله- بناءً على قرار مجلس الوزراء، عن اعتماد التوجه التنموي لجزيرة دارين وتاروت والمبادرات المستقبلية للجزيرة، وإنشاء مؤسسة تطوير جزيرة دارين وتاروت.

كما تضمنت الموافقة الكريمة تخصيص ميزانية تقديرية بقيمة مليارين و644 مليون ريال، وتهدف المؤسسة للارتقاء بجودة الحياة وتنمية الناتج المحلي، وذلك من خلال الاستفادة من الميزات النسبية للجزيرة في النواحي التراثية، والبيئية، والسياحية. بما يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي.

وتعد المكتشفات الأثرية في جزيرة تاروت، وما كشف عنها في (فريق الأطرش) من مجموعة كبيرة من أوانٍ وكسر الحجر الصابوني، حيث دلت الأبحاث والدراسات على أن فريق الأطرش مركز صناعي لأواني الحجر الصابوني، حيث يتم استيراد المواد الخام من الحضارات القريبة؛ مثل حضارة ماجان في عمان، ومن ثم التصدير للمراكز الحضارية الأخرى.

كل هذه المكتشفات لا تعد شيئًا بالنسبة لما تكتنزه الأرض في باطنها في كل شبر من الجزيرة، ولعل أبرزها ما يمكن اكتشافه أسفل قلعة تاروت ومدافن الرفيعة ومدافن الزور وأكثر من ذلك في جزيرة دارين التي تعد خزانًا من الكنوز التي تحت الأرض في انتظار التنقيب عنها.



error: المحتوي محمي