وبعد أن تحقق المراد، يجب أن نطلق العنان للأقلام أن تسطر أجمل المفردات وندعو من ينثرون الشعر بنسج أجود الكلمات ومن يجمعون نظم القوافي أن يتغنوا بأحلى الأغنيات وكذا المنشدون أن تتعالى حناجرهم بأهازيج الفرح والانتصارات.
ولا ننسى أهل الفن بأن يرسموا لوحة الشرف بذلك الإنجاز حتى تكتمل تلك الأيقونة الرائعة التي وضعت في إطار ملون ومزخرف بالتألق والإبداع. نعم هي سيهات وما أدراك ما سيهات هي من أنجبت (خ و ل و ي و ج) وهي صاحبة السفينة التي دارت بأهلها هذا الكون وعادت محملة بكنوز الذهب والألماس وكان على متنها بحارة وغواصون لم يهابوا الأمواج الصعاب وقارعوا المخاطر والأهوال حتى وصلوا لقاع البحار ولامسوا اللؤلؤ والمرجان وفي نهاية المطاف زُينت دانة الدانات بتلك الجواهر والمقتنيات والتي عطرناها برائحة المسك والجوري والريحان..
عزيزي القارئ في الحقيقة وقفتُ حائرًا لمن أكتب هذا المقال؟!
إن قلنا لجيلنا الحاضر فأعتقد واثقًا أن الناشئة الجدد من الأبناء في سيهاتنا الحبيبة لا يخفى عليها سيرة ذلك البطل الراسخ في عالم كرة اليد السعودية فمنذ أربعة عقود ويزيد وتلك اللعبة بنادي الخليج هي مركز إعجاب للكثيرين ومحط نظرٍ للمحبين بل هي ثقافة وتاريخ ورواية تُحكى أحداثُها بعناية لصغارنا حتى تكتمل بقية فصولها ونصل لذروتها وحبكتها ومن ثم يتعاقبها أشبالنا جيلًا بعد جيل وبعدها يصبح ذلك النسر اليافع المتوهج قابعًا داخل قلوبنا وفي ذكريات عقولنا وفي خضم مشاعرنا.
أما عن الأجيال المؤسسة لذلك البناء العظيم ولكل ما أنجز من مفاخر في حقبة الأمجاد الأولى التي هيأ لها أبطال مخلصون متفانون بحب دانتهم المصونة وكان لجانبهم حشد كبير من الجماهير الذين اتصفوا بوفاء نادر قلَّ أن نجد لهم شبيهًا تجاه مَن كانوا يمثلون محبوبتهم بل كانوا يصولون ويجولون معًا في كل المحافل والملاعب وساحات البطولات يتقاسمون الأفراح والأتراح جنبًا إلى جنب حتى تندمج مشاعرُ الحب والوجدان وتصرخ الأفواه وتتلاطم الأكف مرددة نشيدنا التاريخي والذي يدوي عاليًا وتنطق به كل البيوتات وتتغنى به الأزقة والطرقات وترقص له سيهات وأهلها الأحباب فرحًا جئنا زحفًا يا خليج.. رغم أشواك الطريق.. شب في قلبي حريق.. رددته الذكريات.. جئنا والقلب هواك.. نحن لا نهوى سواك.. كلنا جئنا معك.. لنعيد الذكريات.
واليوم وبهذا التتويج الكبير وباعتلائنا منصة تتويج العز والشموخ وفي غضون أسبوع تزف جماهيرنا أبطالها المتميزين ذوي اللونين الأصفر والأخضر وهم محملون بغنائم ثمينة وثقيلة من الذهب معلنة عودة بطل لمجدٍ تليدٍ بأيدي رجالنا الأوفياء صنعناه؛ فهنيئًا لكم أنتم أيها المخلصون من إدارة ولاعبين وجمهور وهنيئًا لكل المحبين والداعمين والمساندين والإعلاميين لهذا الفريق العريق ونقول مبارك ما تحقق، وبهذه المناسبة لا يسعني وباسم جميع أهلنا في سيهات إلا أن نقف إجلالًا واحترامًا وتقديرًا لكل الأوائل الذين كان لهم الفضل بعد الله في تأسيس ذلك الصرح الشامخ الذي عمت فائدته الجميع بوصفه بيتًا ثانيًا لكل أطياف المجتمع وكان لهم السبق في دعم تلك المنظومة والدفع بها لتكون منظومة نموذجية من حيث المحبة والألفة والترابط فيما بين مكوناتها حتى غدا نادي الخليج ناديًا شموليًا بمعنى أنه ليس فقط رياضيًا بل اجتماعيًا وثقافيًا ناهيك أنه من طليعة الأندية السعودية من حيث التأسيس فيعد من الستة أندية الأقدم على مستوى دولتنا الغالية.
وقلما نجد ناديًا يُتخذ منه ملتقًى للأحباب كما يعد منهلًا ورافدًا من روافد الثقافة والأدب بشتى صنوفها يرتاده ثلة من المثقفين والشعراء والكتاب وأصحاب الرأي بهدف تلاقح الأفكار والتطوير المعرفي المستمر بما يخدم النادي بشكل خاص والمجتمع المحيط ومملكتنا بشكل عام؛ فنرى دائمًا هناك عقد للندوات وورش العمل وإقامة المنتديات الثقافية والأمسيات الشعرية والمحاضرات العلمية والصحية والتوعوية وغيرها الكثير، ومن المعلوم أن الإدارات الموقرة التي تعاقبت على إدارة ذلك النادي العريق كلها تتفق على فتح أبواب المنشأة على مصراعيها لجميع أطياف المجتمع للاستفادة القصوى من البرامج التي تقدم من قبل هذا البيت ليس فقط لأهالي سيهات وإنما أيضًا لأهالي المنطقة والذي أثبت المسؤولون فيه ومنذ تأسيسه أنه يتسع ويستقطب كل من أراد العمل والتطوير لخدمة مجتمعنا الكبير فهم يؤمنون أن تزاوج الأفكار والانفتاح على الآخرين وضخ دماء متجددة وطاقات تحمل كفاءات عالية وخبرات واسعة مع الأخذ بعين الاعتبار العنصر النسائي بوصف المرأة عنصرًا فاعلًا يمكن الاستفادة منها في الرقي لما يُقدم لصالح العملية الرياضية والمجتمعية والذي أدخل مؤخرًا وعدم تهميش دورها الإيحابي. هذه كلها عوامل تسهم في الوصول لما يريده الأبناء البررة لهذا الكيان والذي ما كان ليرتقي إلا بتوفر تلك الجهود المثمرة والمخلصة بروح الانتماء والمواطنة.
فشكرًا لمن أسسوا وحافظوا وعملوا وثابروا ودعموا وبذلوا الغالي والنفيس من أجل أن نصل بنادينا لمراتب التفوق والإبداع.
وأخيرًا وليس آخرًا نبارك لسيهاتنا الحبيبة ولرئيس النادي وأعضاء مجلس الإدارة المحترمين وللجمهور الكريم ولرابطة المشجعين الأبطال على كل ما يقدمونه لخدمة ناديهم ووطنهم حتى جاؤوا بالذهب وتحقق هذا الإنجاز العظيم.