في العرف السياسي: السفير أو “Ambassador” هو الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده ومصالحها في الخارج. عادةً يُوفد السفير للحكومات أو الأقاليم المستقلة الأجنبيّة أو المنظمات الدوليّة ليمثل حكومة بلاده أو بلدها، إن كانت امرأة سفيرة.
فلان سفير وفلانة سفيرة وظفتهم الدولة والمسؤولون، ونحن سفراء نمثل أنفسنا وأهلنا وديننا ووطننا! كيف أكون سفيرًا ولم يعينّي أحد؟ أنا أَشرحها لك كالتالي:
سفيرًا لنفسي: أمثلها أفضل تمثيل عندما أتعامل مع غيري -الذين هم الناس- أينما كنت في سفرٍ أو في حضر. أحترم مصالح الناس ومصالحِي ولا أعرض نفسي للذل والمهانة والسمعة الرديئة! لأنه غير مسموح لي من الله أن أذل نفسي!
أكرم نفسي عن أمورٍ كثيرة ** ألا إن إكرامَ النفوسِ من العقلِ
سفيرًا لأَهلي وعائلتي وعشيرتي: لا أجلب لهم العارَ أو السمعة السيئة، فإذا قيل: هذا ابن لفلان أو أخ لفلان أو من عائلة فلان قالوا: أنعم وأكرم به! طيب من أطياب! وإذا قيل: فلانة ابنة فلان، قالوا: أنعم وأكرم بها، ثمرة طيبة من شجرة طيبة!
سفيرًا لديني: في هذا الزمن يسافر الناس إلى بلاد غير مسلمة. من يسافر هو سفير دينه فلا يأخذ أهلُ تلك البلاد عليه مآخذ ويقولون: انظر إلى هؤلاء المسلمين أو العرب ماذا يفعلون! يقولون هذا حرام في بلادهم ويفعلونه في بلادنا، وهذا منكر ولا يمتنعون عنه، فقط لأنهم خارج بلدانهم! أليس هذا نفاقًا؟
سفيرًا لبلدي: أفتخر بأن أكون سفيرًا لبلادي، فعندما يرى النّاس شخصًا متزنًا مثقفًا أمينًا ملتزمًا بالقانون يقولون: ما أجمل أهل بلادِ هذا الإنسان! فعلًا هم أناس طيبون، متعلّمون وخير سفراءٍ لبلادهم! وإذا رأوا العكس قالوا: كنّا نظن أنهم أرقى، لكن بان لنا أنهم غير ذلك!
ولو تمعنا قليلًا أمكننا أن نقول سفراء لله أيضًا! هل ترون هذا غريبًا وهو الذي قال سبحانه: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ}؟ أليس المقصود بالخليفة هو خليفة الله ونائبه على ظهر الأرض؟
سفير ولا أسافر خارج وطني؟ نعم أستاذنا وأستاذتنا! ليس السفر فقط إلى القطب الجنوبي أو الشمالي أو إلى بلدٍ بعيد؛ كيلو مترات أو نقرة على وسائل التواصل توصلنا بغيرنا وفي بلادنا مكة والمدينة فيهما ملايين من الحجاج والزائرين والمعتمرين نراهم ويروننا! أليس هذا سفر؟
في أمثالنا الشعبية نقول: “يا غريب كن أديب!” يعني سافرتَ إلى بلدٍ غير بلدك أو مجتمع غير مجتمعك، من أجل دراسة أو سياحة أو عمل، التزم بأدب البلاد وقوانينها وفي المثل الإنجليزي: “عندما تكون في روما، افعل مثل الرومان” أو
“When in Rome, do as the Romans do”.
تذكر أن تكون سفيرًا جيدًا لنفسك لأنك تحترمها، سفيرًا جيدًا لعائلتكَ لأنك جزء منها، سفيرًا لديانتكَ لأنك تقدسها، وسفيرًا لوطنك ومسقط رأسك لأنك تحبها بكليتك. أما أن تكون سفيرًا لله فلأنك تمشي فوق الأرضِ تصلحها ولا تفسد فيها!