دخلنا إلى هذه الدنيا دون إرادتنا فهو بمشيئة الله وأمره، وبيده الروح الأول وهو روح الحياة والتي بها خرج حيا وبكى وأسعد والديه بهذا البكاء وبعد ذلك بدأت فيه روح الشهوة والتي وجهته إلى ثدي أمه والتى بها بدأ ينمو، وبها يحتاج إلى عالم مناسب لنموه وهذا العالم هو ما رتبه الله له وليس على والديه سوى البقاء له حتى ينمو نموًا طبيعيًا، ومن ترتيبات الله له أن رزقهم بيده وليس على الإنسان إلا ما سعى، يكفيه ملقعة تشبعه وثوب يستره وسقف يظله ولكنه لم يقبل هذا بل أراد الأنواع من المأكول والمشروب والأنواع من الملبوس والبيت الفاخر والسيارة الفارهة وكل هذا أخذه مما أراده الله له في البقاء مع طفله وعندما بلغ روح القوة صار ذلك الطفل ضعيفًا في الجسم والعقل والنفس والروح ولم يفد عندها كثير المشروب والمأكول ولا البيت الفاخر ولا السيارة الفارهة.
وعند وصوله إلى روح الإيمان صار من الصعوبة بمكان فتح أبواب الإيمان لذلك المراهق الذي لم يجد والديه حوله في أهم مراحل العمر وكانا مركزين كل اهتمامهم على توفير ما هو ليس بحاجة إليه في طفولته ولم يستفد منه في نموه وبالتالي لا يقتنع بما يقولانه له في مرحلة تقرير مصيره الروحي والعبادي ولهذا فإن الانحرافات هي ما ينتج عنده، طفل ضعيف وبعد ذلك ولد غير ناضج عقليًا ومن ثم يكون الخلل الإيماني وهذا هو الذي للأسف نشاهد آثاره في الجيل الجديد الذي لا يقبل ما يقال له بحق الدين، فنحن مطالبون بمراجعة أنفسنا وما نريده فعلًا بما يريده الله منا، فأولويات الحياة هي ما يريده الله وليس ما نريد نحن.