كلنا نعرف الورق؛ مادة مصنوعة من الأشجار، نكتب فوقها ونقرأ فيها ونحمل فيها أغراضنا بعد رحلة التبضع، وغير ذلك من الاستخدامات! للورق في حياة الإنسان تاريخ طويل لمن يريد أن يتعرّف عليه أكثر!
أجمل صنف من الورق هي أوراق ملونة؛ زرقاء وحمراء وخضراء، نسميها “نقود”. الذي ليس عنده نقود نسميه فقيرًا أو مسكينًا ومن عنده كثير منها نسميه غنيًّا. أوراق قال عنها الله سبحانه وتعالى: {زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. أوراق لها قيمة اعتبارية قد تجلب السعادة وقد تجلب الشقاء، يعني سيفًا ذا حدين! من يشحّ بها يسمى بخيلًا ومن يعطيها يسمى كريمًا ومن ينفقها في غير محلها يسمى مبذرًا!
هذه الأوراق تمثل “القوة الاقتصادية” للأفراد والمجتمعات والدول ووجودها ضروري في حياتنا وجلّنا يحلم أن يكون معه الكثير منها “لو أن لابن آدم واديًا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب”. قال أحد الفلاسفة في موت الإسكندر المقدوني مؤبنًا له: “هذا الملك كان يخبئ الذهب فقد صار الذهب يُخبئه”. بعملية حسابية بسيطة عن أحد المشاهير الذي يملك 50 مليار دولار؛ لو عاش مائة سنة دون دخل إضافي فيمكنه أن يصرف في اليوم الواحد نحو مليون وأربعمائة ألف دولار! أغلب مشاكل العالم وحروبه إن لم يكن كلها لها علاقة بهذه الأوراق، صراع أمم ودول وحروب طويلة وطاحنة، كل أمة تريد أن يكون عندها أكثر من غيرها، طوعًا أم كراهيّة!
أجمل وأصدق نصيحة استثمارية – أفضل من نصائح الخبراء في المال والأعمال – يقدمها الذي يهب هذه الأوراق ويمنعها هي كالتالي:
أولًا: {وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا}! لا تصرف أموالكَ بشكلٍ غير منطقي؛ كوب قهوة في البيت يكلّف أقلّ من ريال واحد وفي السوق يكلف عشرين ريالًا! وجبة فاخرة في المنزل، أنظف وأصحّ وأبرك من وجبة تكلفتها مائة ريال أو أكثر من السوق!
ثانيًا: {وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا}! دع البخل وكأن يدك مغلولةً إلى عنقك خوفًا من الإنفاق وفي نفس الوقت لا تتجاوز الحدَّ المعقول في الصرفِ والبذلِ والعطاء، حتى لا ينتهي بك المصير إلى الإفلاس والملامة والابتعاد عن الناس!
ثالثًا: {إِنَّ رَبَّكَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ}! عليك بالسعي والعمل فإن حكمةَ الله تقضي بزيادة رزق من يسعى ويبذل الجهد، بينما تقضي بتقليله لمن يجلس ويَكسل وينام!
لو عرف شباننا هذه النصيحة – المالية – وعملوا بها لما تراكمت عليهم المشاكل؛ ديون، ترك نفقة العيال، اعتماد بعض الرجال على دخل زوجاتهم والتخلي عن مسؤولياتهم المالية وغير ذلك من المشاكل المالية العويصة!