إن العلم والتواضع قرينان المفروض ألا يفترِقا أبدًا، قرأت ذات مرة من المرات جملة جعلتني أتفكر فيها وهي “كن دائم التعلم فأنت لست على حق دائمًا”، جملة استوقفتني كثيرًا وصرت أعيد قراءتها وأتأمل جميع حروفها. فعلًا إننا لو نظرنا إلى ذواتنا وتأملناها لصار عندنا بُعد نظر في كل أمور حياتنا.
هل العلم مجرد ورقة تخَرُّج أي شهادة فقط! وهي التي من خلالها تضمن لنا الوظيفة؟ أم هي رُقي المعرفة والتعامل الإنساني؟ فكم من انسان حصل على شهادات عُليا وبقي أسير نفسه من حيث التعامل الأخلاقي بينه وبين الآخرين وكم من شخص أصابه العجب والتكبر والتعالي بسبب علمه حتى أصبح لا يتواضع إلى من هم أقل منه علمًا ومعرفة في الحياة! العلم مطلوب ومؤكد والله سبحانه وتعالى يثني على العلماء في كتابه المجيد كما جاء في سورة [فاطر: آية 28]: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)؛ فهذه الآية الكريمة تبيّن لنا أهمية العلم والمعرفة، وكلما زاد علم الإنسان ومعرفته زاد إيمانه وحسن خلقه وتقومت شخصيته لحب الخير للآخرين وليس العكس صحيحًا، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -عنه (صلى الله عليه وآله): من تواضع لله رفعه الله، فهو في نفسه ضعيف وفي أعين الناس عظيم، ومن تكبّر وضعه الله، فهو في أعين الناس صغير. أنقل لكم قصة ذات عظة وعبرة؛ يحكى أنه كان هناك رجل متعلم وغني جاء له في أحد الأيام رجل فقير فأعطاه سلة فيها طعام فاسد ابتسم الفقير وأخذ السلة وغادر القصر ذهب إلى منزله المتواضع وأفرغ منها محتوياتها ونظفها ووضع بها أزهارًا رائعة الجمال ثم أعادها إلى القصر وأعطاها إلى الرجل فاستغرب الغني وسأله: لماذا؟ أعطيتك سلة مليئة بالأشياء الفاسدة وتعيدها لي مليئة بالأشياء الجميلة؟! فأجاب الفقير: كل إنسان يعطي ما في قلبه، فإذا كان بقلبك علم ومعرفة وتواضع فذاك المنىٰ وإلا فالحذر الحذر من نفس تطغى وتتكبر فكم من عالم أصبح قاطع طريق فخسر علمًا وعلومه فصار من النادمين.
أحبّتي القراء يجب علينا السعي دومًا للعلم والمعرفة لكن بشرطها وشروطها وأصعب شروطها التواضع، فكن قابلًا للتعلم مهما كان عمرك، جعلنا الله وإياكم ممن يتعلمون ويسمعون القول فيتبعون أحسنه.