عدم ترك عربة التسوق في مواقف السيارات عمل حضاري نثاب عليه؟!

الشهر مايو من عام 2023م؛ من نعم الله توفر الأسواق التي نجد فيها كل ما نحتاج تحت سقفٍ واحد، أمر مريح للزبون، يختصر الجهد والوقت. هذه الأسواق صارت توجد في كل مكان وتعتبر وجهًا حضاريًّا ومعلمًا يحتاجه الساكن والسائح والزائر!

تُوفر هذه الأسواق عربات تبضع؛ كلنا رآها واحتاجها واستعملها. يأخذ الزبون حاجاته من المتجر إلى السيارة ومن المفترض أن تعود العربة إلى مكانها ليستخدمها شخصٌ آخر! إلا أنه في نفس التاريخ، تقصد أيًّا من هذه الأماكن وترى كيف – نحن – نتكاسل عن إعادة هذه العربات إلى أماكنها ونتركها مبعثرةً في أرجاء مواقف السيارات؛ تتدحرج، تؤذي السيارات، وتضيق الطريق على النّاس، لا يهم طالما أننا أنهينا شغلنا منها! وكل القصة ثوانٍ معدودات نَظهر فيها بشكلٍ حضاري ونكسب أجرًا من الله على ذلك ونحافظ على ممتلكات الناس!

لماذا تستحق هذه الظاهرة الكتابة عنها؟ تخيل معي أن شخصًا سمع عن حضارة القطيف وتميز أهل القطيف وقال: أزورها وأشاهدها، وعندما يأتي يشاهد هذه الأشياء البسيطة التي هي مثل نقاطٍ سوداء على لوحة جميلة! ماذا يظنّ؟ أنا شخصيًّا كنت أحرص على أن أستضيف الأصدقاء – الأجانب – وأريهم المنطقة، قبل ترك العمل؛ زيارة جميلة يستمتعون بها وتترك في ذاكرتهم انطباعًا طيبًا عن المنطقة وأهلها!

مشكلتنا أننا نحصر الثواب في المسجد، أما خارج المسجد فلا ثواب فيه! بينما كل حركة وسكون فيها نفع لنا ولغيرنا وإبعاد أذى عن أنفسنا وعن غيرنا فيه أجر! النظافة، النظام، التزام القانون العام، الأخلاق العامّة، عدّ ما شئت من الأفعال الحسنة، في كل ذلك أجر، لكننا نضيعه!

عن رسول الله صلى الله عليه وآله: “إن على كل مسلم في كل يوم صدقة، قيل: من يطيق ذلك؟ قال صلى الله عليه وآله: إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وإرشادك الرجل إلى الطريق صدقة، وعيادتك المريض صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وردك السلام صدقة”. كم تكلفنا هذه الصدقات من المال؟ كم نكسب من الحسنات؟ هذه الوصايا تصنع مجتمعًا راقيًا وحضاريًا بكل المقاييس!

خلاصة الفكرة كالتالي: الكتاب يعرف من عنوانه فليكن عنواننا الرقيّ والتقدم والعادات الجميلة. ولا ننسى أن “إماطتك الأذى عن الطريق صدقة”. إذا سافرنا إلى بلد آخر لا نفعل مثل هذه الأشياء إما خوفًا أو حياءً والتزامًا بالقانون، فما بالنا نعامل بلدنا بتقدير واحترام أقل؟!



error: المحتوي محمي