جمعتنا معه الشركة السعودية للكهرباء لأكثر من ثلاثة عقود، وربما سبقناه فيها قبل أن يلتحق بها، ولكنه سبقنا بدماثة أخلاقه وطيب سجاياه الأنيقة كأناقة مظهره وابتسامته التي لا تفارق وجهه، وشذى حديثه الهادىء المفعم بالحكمة والدهشة، فقد كان لا ينطق عبثًا ولا يصمت جهلًا.
لم أكن معه في دائرة واحدة بحكم اختلاف التخصص، ولكنه كان قريبًا من الجميع، ودودًا مع الجميع، يسأل يطمئن يشارك ويشير ويبدي الرأي لنتلقفه.
رجلٌ كسبناه ولم نخسره إلا الآن حين غادرنا فجأة، بعيدًا عنا هناك في أطهر جوار. وأنا على يقين بأن سماحة الشيخ حسين البيات -حفظه الله- قد أوجز كثيرًا حين نعاه هنا، فلا شك أن لديه الكثير عنه لأن بحكم قرب سماحته منه، ولا بد أنه سوف يفيه بالكثير ربما في وقفة أخرى، وهذا ما نتمناه عليه.
كنت شخصيًا أستلهم من كتاباته الفكرة والموعظة والدرس، وكل جديد والذي لا يجيده سواه، وكم كان يدهشني وهو يمارس الرياضة يوميًا بجدٍ ونشاط، وكأنه في عز شبابه، ولم أكن أظن سوى ذلك لأن العمر لا يقاس بالسنوات بقدر ما يقاس بالعطاء والجد والتواصل وخدمة المجتمع والناس، وهذا ما كان دأبه وديدنه، كما يقاس العمر أيضًا بالاهتمام بالنفس، وبأن يعيش المرء عمره كما يخطط ويرسم ويتعلم ويُعلم ويعطي ما استطاع ما دام على قيد الحياة، ليشعر بالحياة، وليمتد عمره بالذكر الحسن بعد الحياة.
لا أخال أن المهندس علي أحمد آل رضي / أبا محمد، إلا ذلك الإنسان النموذج الذي عرف كيف يعيش، وكيف يفرش حياته اخضرارًا كخضرة نخيل وبساتين سيهات، وزرقة بحرها وسمائها، وهو حين يرحل لا بد وأن تبكي عليه الأرض وتبكيه النخيل والأشجار ويبكيه البحر وما يحويه، وتبكيه سيهات المثكولة به.
رحمك الله يا أبا محمد وأن تفاجئنا وتغادرنا دون وداع، رحمك الله يا أبا الطيبة ورفيق الأخلاق وشفيف السجايا..
لم يكن في الخاطر أن ننعاك هكذا، ولكنه القضاء والأجل والقدر، فإلى رحمة الله ورضوانه وبركاته، وهنيئًا لمثلك الجوار.
وقفة:
لسبب وفاة الأخ والزميل والكاتب الأستاذ علي أحمد آل رضي تقدمت مقالتنا عن المعتاد ليوم الجمعة.. الفاتحة