حنينًا للماضي، وتجسيدًا لتاريخ عريق لمنطقة القطيف التي تطل على ساحل الخليج العربي ليكون البحر الواسع بأعماقه مصدر رزقها ووسيلة كسب قوت ساكنيها بقوارب صنعت من الخشب في حرفية منقطعة النظير، عكس الفنان التشكيلي حسن علي سلمان أبو حسين هويته الساحلية المنتمية إلى جزيرة تاروت في لوحتين من نتاجه عُلقتا متجاورتين على واحدة من زوايا معرض “روازن”، بصالة علوي الخباز.
واستعرض الفنان “أبو حسين” لوحتيه اللتين جاءتا بمقاس 30*30 سم، مبينًا أنه استخدم فيهما الألوان المائية على الورق، على غرار المدرسة الواقعية، وقد استغرق العمل فيهما عشرة أيام لإنجاز كل لوحة منها بتفاصيل دقيقة وخطوط انسيابيه تعكس الحرفية والجمال والإتقان في صناعة القوارب التي صُنعت يدويًا، موضحًا أنهما من أصغر اللوحات التي أنتجها.
وتحدث الفنان أبو حسين عن لوحتيه قائلًا: “اللوحتان نِتاج عمل متكامل من 40 لوحة تبرز الهوية التراثية لمنطقة القطيف وجزيرة تاروت بكل ما تزخر به من موروث ثقافي أصيل؛ رسمت فيها القوارب الخشبية، البيوت والمباني القديمة، النارجيل وجوانب من حياة الناس بتفاصيلها الجميلة؛ وكان المخطط لهذه المجموعة أن تعرض في مدينة الكويت بالشراكة مع فنان بحريني في عمل ثنائي في العام 1424هـ، أي قبل 21 سنة بطابع واقعي مائي لكن لظروف خارجة عن إرادتنا لم ترَ المجموعة النور، وفي 2020م أخرجت جزءًا من العمل، أما هاتان اللوحتان فأول مرة يتم عرضهما كعمل فريد؛ حيث إن أغلب أعمالي بالطابع السيريالي بالألوان الزيتية”.
وتابع: “في اللوحتين تجسيد لقاربين من قوارب جزيرة دارين بتصميمين مختلفين بطابع واقعي؛ رسمت في كل لوحة قاربًا منفردًا متكئًا على الشاطئ الرملي يوحي لمن يتأمله بذكريات البحر كجزء من ماضي الأجداد الذي ارتبط بثقافة الصيد ومغامرات البحر والإبحار وسط أمواجه. ونجد أن تصاميم القوارب الخشبية وأحجامها وأشكالها كانت مختلفة ومتنوعة حسب الاحتياج والهدف منها”.
واستكمل: “تعد هذه المشاركة مختلفة عن مثيلاتها من الأعمال التي شاركت فيها بالمعارض الأخرى؛ وذلك لندرة الأعمال المائية حيث لا يميل الفنانون بشكل عام لاستخدام الألوان المائية على الرغم من شفافيتها والإحساس الرقيق الذي تضفيه بانسيابية على العمل الفني؛ وعلل ذلك بصعوبتها فهي تحتاج إلى الدقة وأي خطأ فيها يكلفك خسارة العمل، حيث إن الخطأ في التلوين يكون غير قابل للتعديل فيها.
وذكر أن قلة من الفنانين المخضرمين تخصصوا في الرسم المائي كالفنان التشكيلي منير الحجي، والفنان علي الصفار، وأيضًا الفنان محمد السيهاتي.
وأضاف “أبو حسين”: “تختلف الألوان والمواد المستخدمة في العمل الفني باختلاف ما يحمله العمل من معانٍ ورموز وأيضًا المدرسة التي ينتمي لها؛ فأنا أجد أن الألوان المائية تتناسب مع الطابع الواقعي عكس الطابع السيريالي (الخيالي) الذي أفضل الألوان الزيتية في إبرازه”.
الفنان “أبو حسين” الذي تخصص في الطابع السيريالي ووجد شغفه فيه؛ لما فيه من خيال وابتكار لخلق مزيج من الغموض والتعقيد الخارج عن المألوف في لوحاته، إلا أن حبه للتراث دفعه لجعل التصميم الخارجي لمنزله بطابع تراثي؛ زين جدرانه بأعماله الفنية ذات الطابع السيريالي فبدا منزله كالمعرض؛ مما أثار اهتمام أصدقائه من الفنانين التشكيليين لزيارته والاستمتاع بأعماله. كما طالبه آخرون بمعرض شخصي ليستمتعوا بتذوق أعماله، وهو الأمر الذي يفكر في تنفيذه في المستقبل القريب.
وعبر الفنان “أبو حسين ” عن سعادته لمشاركته في هذا المعرض مقدمًا شكره للقائمين عليه لما يُتيحونه من فرص للفنانين اليافعين والمواهب الواعدة؛ كما ذكر أنه تم اقتناء اللوحتين على الرغم من مبالغته في سعرهما الأمر الذي أسعده كثيرًا.
يذكر أن معرض “روازن”، يستقبل زواره يوميًا من الساعة 5:00 إلى الساعة 10:00 مساء حتى يوم الأربعاء 20 شوال 1444هـ.