ولد شوقي بعد أربع بنات، فكانت له الحظوة الكبرى عند أبويه وجده وأعمامه، وكان الولد المدلل حتى عند أخواته.
هذا الدلال والرفاهية جعلاه هدفًا ينظر له الذئاب البشرية بعيون مفترسة. وقد نجح أحدهم أن جرّ رجله لإدمان المخدرات، فانطفأ نوره، وذبلت زهرته، ومال غصنه للجفاف.
توفي شوقي اليوم بسبب جرعة زائدة، فزرع فقده ألمًا في قلوب أفراد أسرته، وجرحًا في قلب أمه.
كان حديث بعض الجيران أن فلانًا هو السبب، فقد رماه بسهم واصطاده، في غفلة من أسرته، فقرر خاله عباس الذي كان كالنائم وأيقظه الحدث أن يذهب فور عودته من المقبرة للذي تسبب في احتراق هذه الورقة البيضاء، ومُذ رآه لم يتماسك أعصابه وتوجه له مقرعًا ومهددًا، فضحك الآخر ومشى وكأنه لا يسمعه، فرفع عباس صوته قائلًا: نهايتكم آتية، ويومكم لا محال قريب.
قال: لن تستطيع فنحن الأقوى.
فسأله: من أنتم؟
– نحن الدولة التي لا تحدها حدود، ولا يوجد لها موقع على أي خريطة.
– إنها وهم.
– نحن من يتحكم في العالم نرفع من نشاء وننهي من نشاء.
– هذه صفات الله وهو القادر على محوكم.
– نحن الأغنى والأكثر سلطة.
– أنتم شراذمة مجرمون، تعيشون على آلام الناس.
– المهم أننا الأقوى.
– ضعفنا جعلكم الأقوى، والله لكم بالمرصاد.
– ههههه (ضحك هستيري).
– بالوعي سنتخلص من سمومكم، وبيقظة رجال الأمن سنغلق أسواقكم.
وكان أول عمل قام به عباس بعد عودته لمنزله أن بلّغ الجهات المختصة عن عبث المجرمين لترتاح البلدة من شرهم.
وسجد شكرًا يوم أن شاهده يقتاده رجال المكافحة إلى مصيره المحتوم، وإن بقي جرح الفقد ينزف، والألم يتجدد.