اثنان يقام إجلالًا لهما.. عالم دين وطبيب!

قبل البدء بأي كلام عن الطبّ أو الطبيب علينا أن نذكر ونصلي على أعظم حبيب، طبيب القلوب والنفوس والأَجسام، النبي محمد خير الأنام، عليه وآله أفضل التحية وأتمّ السلام. ثم الشكر لله الذي تتوالى نعمه في الصحة كما في الشفاء من المرض {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.

في الحياة مهنٌ كثيرة ولا مهنة إلا ولها شطر من التقدير والاحترام. أما الطبيب وعالم الدين فهما الجناحان اللذان بهما نطير؛ الطبيب به يصح الجسد وعالم الدين بعلمه تستقيم الآخرة.

مهنتَان هما أصعب المهن، ومسؤول صاحبها أمام ربه وأمام الناس عن جودة عمله. من لا يصدق ليدلني على مهنة أصعب من مهنة الطبيب المعالج وعلى مهنة أشدّ حسابًا عند الله من مهنة عالم الدين! ليدلني على مهنة يتعرض أصحابها للّوم والتجريح عند الخطأ مثل الطبيب وعالم الدين! إذا مرضنا من أول شخص وأول مكان يخطر في بالنا؟ لا ريب أنه الطبيب والمشفى!

إذا انتصف الليل تجد كلّ عامل وصاحب مهنة يأوي إلى فراشه طالبًا الراحةَ والهدوء، أما ليل الطبيب فهو أشقّ وأصعب من النهار. واحد عليه أن يزيل بالمبضع أماكن الألم، ثانٍ يطمئن شابًّا وشابة يترقبان أول مولود لهما. وثالث يراقب مريضًا طال به المرض ويخاف عليه من تردي حالته. حالات لا يعدها إلا خالق البشر من حالات حاجة الناس للطبيب!

وإذا انتصف ليل العالم، فتلك عنده من أفضل الساعات لطلب العلم؛ ساعة يهدأ فيها ضجيج الدنيا ويصفو الفكر. حالة لا يصل إليها إلا بعد أن ترتعش روحه حين يقف أمام الله. ساعة يستبين ويبين فيها الحلال من الحرام والمستحب من المبغوض من أمور الناس بينهم وبين ربهم وبين بعضهم بعضًا.

يجول في ذهن القارئ الكريم والقارئة الكريمة سؤالُ معترض: كيف وفي الأطباء وفي العلماء من لا يخلص لمهنته؟ نعم، فيهم! والمدح ليس لمن لا يصون الأمانة ولا يحملها كما ينبغي. في النّاس من يتخذ المهنة سلمًّا نحو المال أو الوجاهة أو غير ذلك مما يبتغيه.

هذه المقدمة من أجل أن أقول للقراء الكرام: في منطقتنا أطبّاء نفخر بهم ونحترمهم وفي منطقتنا علماء دين. منطقتنا امرأة ولادة، تلد من الرّجال والنساء مفاخر لا يضارع بهم أحد! فإذا قمنا إجلالًا لواحد نقوم للآخر! يصبح العالم غريبًا في مجتمع لا يقدره أو في بيئة لا تحب العلم. روي عن الإمام علي عليه السلام قوله: “العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم”. ومن تقدير العالم سؤاله واستشارته والاستزادة من نفعه، أجد ذلك أهمّ من القيام والجلوس عند حضوره.



error: المحتوي محمي