‏تأثير الإعلام الجديد: قلعة تاروت مثالاً

من كان يظن بأن نصاً صغيراً لا يتجاوز الـ 140 حرفاً، يُرافقه مقطع فيديو مدته دقيقة ونصف، سيجعل من صرخة عابرة، حديث وطن، كل الوطن! لكنه الإعلام الجديد بوسائله ووسائطه وتطبيقاته وتقنياته، وبكل ما يحمله من سرعة وإثارة وخطورة وتأثير.

لم أظن -وهنا بعض الظن فرح- بأن تلك الصرخة العفوية الممزوجة بعتب المحب للحفاظ على ما تبقى من القلعة التاريخية الشهيرة في جزيرة تاروت والتي كانت شاهدة على تعاقب الكثير من الحضارات والثقافات والتحولات، ستحظى بكل هذا الحب والاهتمام والتفاعل والتأثير والتجاوب، سواء من المجتمع بأفراده ونخبه أو من المسؤولين وصنّاع القرار. لقد تحولت “تغريدة” بسيطة إلى “رغبة” مجتمعية واسعة، وهنا تتجلى خطورة وقيمة وتأثير وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي، بل ومنصات الإعلام الجديد المختلفة.

والكتابة عن الآثار في وطن يملك إرثاً كبيراً وكنزاً ثميناً من المصادر والملامح التراثية والثقافية والتاريخية والاجتماعية، يحتاج إلى دراسات وأبحاث وتقارير متعمقة ومتخصصة، لا إلى مجرد مقال هنا أو هناك.

وكم أتمنى أن أكتب يوماً ما عن قصة هذه القلعة التاريخية الشهيرة التي بناها العيونيون قبل ألف عام والذين حكموا الخليج قرابة الـ 180 عاماً (1076-1253). وقد شيّد العيونيون قلعة تاروت على أنقاض هيكل عشتاروت، وهي رمز الحب والجمال والخصب عند الفينيقيين الذين سكنوا هنا قبل سبعة آلاف سنة. والقلعة بشكلها الحالي، هي من بناء وترميم البرتغاليين الذين غزوا الخليج قبل خمسة قرون واحتلوه قرابة الـ 150 عاماً في الفترة (1507-1650).

قلعة تاروت وكل الآثار والمعالم السياحية الوطنية المتنوعة التي تنتشر على امتداد هذا الوطن الرائع، بحاجة للمزيد من الاهتمام والرعاية والتطوير. هذا الملف المعقد (ملف الآثار) الذي تأخرنا كثيراً في حلحلته ومعالجته، بل وتحريره من الكثير من الشكوك والظنون والمخاوف والهواجس، آن له أن يُحل لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها: تُراثنا وآثارنا وتاريخنا وحضارتنا وإمكانياتنا وثرواتنا وطاقاتنا، روافع حقيقية لنهضتنا وتطورنا وازدهارنا.

السياحة بكل أشكالها وأذرعتها ومقوماتها، التراثية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والترفيهية، أحد أهم وأخطر القوى الناعمة التي تضخ المليارات في خزينة الدولة، وتنشّط الحركة التنموية والعجلة الاقتصادية في المجتمع، وتوفر آلاف الوظائف والفرص لشبابنا وأسرنا.

ولا أجد أجمل ما أختم به هذا المقال سوى شكري العميق للأمير الشاب أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية لاهتمامه الكبير وكلماته المحفزة ووعده الكريم بالعمل الجاد من أجل تطوير واستثمار قلعة تاروت التاريخية، وهذا ليس بمستغرب على هذا الشاب الرائع الذي يملك الفكر والحماس والطموح والإخلاص، ويقف بجانب الإنسان الملهم والأمير النبيل سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية الذي يقوم بجهود كبيرة ومثمرة من أجل تنمية وتطوير وازدهار هذه المنطقة الثرية التي تُزيّن صدر الوطن.


error: المحتوي محمي