لماذا كلّ موعدٍ عندنا «تقريبًا»؟!

أتقدم إليك بسؤال أيها القارئ الكريم والقارئة الكريمة: هل تجد ديانةً أو ثقافة أخرى غير الإسلام تهتم كثيرًا بالوقت أو بالمواقيت؟ أما إذا سألتني فإني لن أُخطئ إذا قلت إن المواقيت في الديانة الإسلاميّة بمناسباتِها اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية تفوق الثقافات والشرائع الأخرى ويمكنك ببساطة أن تدون بعضًا منها على الورق لكي تتأكد.

مواقيتنَا الدينية عُدّ منها ما شئت لكن عدا ذلك كيف نتعامل مع الوقت والمواعيد في حياتنا الدينية والاجتماعية؟

عندما يقول لي صديقي: سوف أزورك في الساعة الثالثة مساء، دون سابق إنذار يخطر في بالي أن الساعةَ الثالثة قد تعني بين الثالثة والثالثة والنصف أو شيئًا من هذا القبيل ونادرًا ما يكون الموعد على رأس الساعة. مشهد وموعد يتكرر كل يوم في ثقافتنا ويتمدد ويسري حتى في الفرائض الدينية، فماذا تعني لو تأخرت خمس أو عشر دقائق عن وقت الصلاة؟ المسامح كريم والله أكبر المسامحين وأكرم الأكرمين!

جاء في بعض الأخبار: كان النَّبي -صلى الله عليه وآله- يتهيأ للصلاة بالوضوء قبل وقتها، ويجلس في المسجد ينتظرها انتظار المشتاق إليها ويقول لِمُؤذِّنه بلال: “يا بلال أرِحنا” أي انظر إلى الوقت وأذِّنْ. لننظر من يحضر قبل الآخر في المسجد عندنا؟ من ينتظر من، الإمام أم المأمومون؟

الوقت هو العمر وهو عنوان تقدم كلّ شعب، فلن ترى شعبًا يتقدم دون أن يضع في حسبانه قيمةً عالية للوقت. هكذا أراد الله لنا أن نهتم بالوقت والمواقيت، حيث كان استنفارًا وحشدًا إعلاميًا وجماهيريًا قبل يومين؛ الكل يسأل متى نرى هلال شهر شوال؟ أهو بعد غروب شمس يوم الخميس أم الجمعة؟ في أي لحظة نعرف أن الغد يوم عيد أم لا؟

غاية المرام أنه لم يأت علينا زمان مثل هذا الزمان، لا يخلو مكان أو إنسان من ساعة أو أكثر؛ الهاتف، السيارة، الطائرة، المنزل، فهل بعد هذا من عذر لإهمال الوقت -عمدًا- وإهدار الوقت سدى؟!

ألم يمدح الله في القرآن إسماعيل -عليه السلام- بأنه صادق الوعد؟ وقيل عن الإمام الصادق (عليه السلام): “إنما سمي إسماعيل صادقَ الوعد، لأنه وعد رجلًا في مكانٍ فانتظره في ذلك المكان سنة، فسماه الله -عزّ وجل- صادق الوعد. ثم قال: إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلتُ منتظرًا لك”. من الأرجح أن إسماعيل لم يكن جالسًا في مكانه دون شغل سنة كاملة لكنه كان يتابع ويراقب متى يأتي الرجل!

السؤال هو: كم فينا مثل هذا الرجل وكم فينا مثل إسماعيل؟! عمِّر دارًا وتعرف كم شخصًا تنتظره سنةً كاملةً وربما أكثر دون أن يفي بالوقت!



error: المحتوي محمي