للذكريات مذاق حلو ومُرّ وصوت، إنه أساس البنية الحسية للحياة، فهو معيار راسخ وقاعدة مرجعية وبها يقيس الإنسان حاضره.
سأصرخ بأعلى صوتي لكن من سيسمع؟! من سيدرك أني أحمل هذا الكم الهائل من الذكريات الحزينة؟! من سيفهم أني لا أرتدي نظّارة سوداء لا أرتدي شيئًا إنما هذا هو لون الحياة الحقيقي؟!
الغريب أني أصرخ وأستنجد لكن صدّقني إذا وجدت يد العون مُدت إلي سأندم لاحقًا بأني قَبِلتَها، ومؤكد أنك أنت أيضًا ستندم بأنك من الأساس صرخت واستنجدت. لِتمتْ في ضيقك وحدك أو فليحترق العالم كله بحريقك لا يهم هذا ولا ذاك المُهم ألّا تشعرهم باحتياجك للإطفاء.
أمتلك عادة سيئة للغاية، ولكنها تُريحني قليلًا وهي “التواري عن الأنظار” عندما يُزعجني شيء أختفي عن الأنظار، بل أنعزل عن كل شيء؛ عائلتي، أصدقائي، وكل من يهمني أمره. تنتابني رغبة في الابتعاد عن الجميع ومواجهة حُزني وحدي، وهذا لأنّني أُصاب بنوبات غضب، أعلم أن لا أحد سيتحملها. في الواقع أخاف أن أجرح أحدًا بكلمات لا أقصُدها. ولأنّني لا أُجيد كلمات الاعتذار ألجأ لعُزلتي والتي أعلم أنها تغضب من حولي، لكن حينها لا أستطيع سماع حتى صوت الهواء. ولكن مادام هذا يُريحني، ولن يُؤذي من أحب، سأتّجه إليها دومًا.
حتى كل الأشياء التي كنت أفعل المستحيل للحصول عليها ما عادت كذلك، أظن أني مللت وتغيرت كثيراً.
كَذبتُ حين قلت لن أُسامح أبداً، فوالله كُنتُ أكتُبها والقلبُ يعفو عمن أساء لي وكاد لي وأزعجني.
غالبًا ما أواسي نفسي بالقرآن وبالآيات التي تبعث الطمأنينة، كلنا نتعرض لضغوط قاسية قد تجعلنا أحيانًا نبكي أو نكبت ألمنا داخل أعماقنا كي لا يرى أحد أننا لسنا على ما يرام، وربما أحياناً أخرى نود البكاء لكن الدموع تأبى أن تتحرر من مآقينا، التعامل معها يكون بالتكلم مع أنفسنا، نعم لا تنصدموا، تكلموا مع أنفسكم في مكان خالٍ من أي أحد، وقولوا لِمَ أُتعب نفسي من أجل هذا الأمر؟ سيمر بإذن الله ويولّي وسيعوضني ربي خيرًا بإذنه سبحانه وتعالى.
الذكريات الجميلة أكثر ألمًا على القلوب، فالذكريات السيئة تؤلم في حينها وتنسى، بينما الأيام الجميلة يبقى الحنين إليها وتمني عودتها أكثر واقعاً وألمًا.
دائماً أكرر: يا الله ليس لأني أستحق بل لأنك رحيم. يقول ابن القيم (إذا كنتَ تَدعو وضاقَ عَليكَ الوقت، وتزاحمَت في قَلبِك حوائجك، فاجعل كلَّ دعائك أن يَعفو الله عنك؛ فإن عَفَا أتَتك حوائجُك دُون مسألَة).
