أخبارك؟

مفردة بسيطة للسؤال عن الأحوال قد تمتلئ بها بدايات محادثاتنا ولكنها بهندامها القصير قد لا تؤتي أُكلها إذا كان السؤال فيها عن الأخبار لا يقصد حقًا التعرف على الأخبار التي تكون مقلقة لصاحبها قبل الأخبار السارة له لمشاركته ودعمه فيها ولو معنويًا.

فربما بات روتينًا مكررًا على طرح سؤال أخبارك وربما لا ننتظر حتى الجواب لأنها باتت شكلية وربما نقولها لكل الأشخاص من نعرفه ومن لا نعرفه، ويكون الجواب الحمد لله ونقطة وانتهى، إذا لم يكن هناك سؤال تفصيلي عن ماهية الأخبار التي يتم السؤال عنها لتثبت الاهتمام حقًا.

بالطبع حمد الله شيء جميل وشامل لكل الظروف ومرغوب في السراء والضراء وربما يكتفي البعض بالحمد كي لا تصيب أخباره التي لا يحب ذكرها أحبته بالكدر عليه، حتى لو كان ضمنًا يحتاج لمساحة من الفضفضة.

ويعتمد أحيانًا على مدى قرب الشخص وبعده لتتشكل معه كيفية الفضفضة وذلك يرجع لبعض الاهتمامات المشتركة، فمثلًا من يكون لديه ارتباط أو معرفة بعملك أو دراستك سيكون داخلًا لجو فهم حالتك حال الفضفضة في مجال العمل أو الدراسة وسيفهم الثقل الذي تعانيه مثلًا فيهما.

وفي مجال الأسرة ومشكلاتها ربما سنختار من يشابهنا في بعض المشتركات بالظروف لأنه أقرب أحد يستطيع تقديم المواساة والتخفيف.

بالطبع جميعنا نتسم بالضعف وقد لا نستطيع تغيير بعض الأمور التي تثقل كاهل أحبتنا ولا نملك لهم إلا دعوة صادقة بالغيب نخبئها لهم في طيات الدعاء الخاشع الذي نلتمس فيه الإجابة، ولكن كلمة لطيفة تربت على كتفهم المثقل بالهموم قد تكون نسمة باردة ومباشرة تنعش حياتهم بالأمل وتجعلهم يستعيدون قواهم لمواجهة القادم بدعم أخوي جميل يرسم في محياهم ابتسامة رائعة.

هناك أشخاص لديهم فن حقيقة في اهتمامها وحبهم لمن حولهم بكثرة عطائهم في مجال الكلمة والعمل بما في الكلمة، هم يعطون دون منّ أو أذى فهم يعطون لله وفي الله دون انتظار شكر جزيل أو رد مقابل.

فتش عن أسماء المحسنين ترى كيف أن الناس تحيي ذكرهم وتهديهم الخيرات حتى بعد وفاتهم تجد بعض المحافل مسجلة بأسمائهم لتثبت أن خيرهم باق وكأنهم لا يزالون أحياء فقط لأن الله الذي قبل عطاءهم في الدنيا هو من جعل آخرين يعطون نيابة عنهم ليكون عطاؤهم ممتدًا معهم للآخرة.

وأجمل مثال على كثرة العطاء الذي لا يتخطاه العقل هو عطاء مولانا الحسن المجتبى(ع) والذي مع الأسف هضمه ذكره التاريخ ومزق فصولًا كثيرة من حياته المعطاءة فلم يصلنا إلا القليل مع بعض من الأوراق المشوهة لصورته المهيبة لكن لا تزال هيبتة مصونة فهو من اكتسى الهيبة كلها حين ورثها عن هيبة حبيب الله ورسوله.

لا يُنكر أحد ظلامة مولانا الحسن (ع) وهو أول مولود في بيت الرسالة وشأن المولود الأول الدلال من الجميع إلا نحن لا ندلله في ذكرى ميلاده.

قد يرد البعض كيف ندلله في ميلاده وكل شيء مزين لقدومه وهناك من يصرف ويتكلف كرامة ليوم ولادة الكرم بولادته؟

أقول كل هذا بات مثل روتين قولنا أخبارك؟ لكننا لم ندخل في عمق السؤال ولا عمق العطاء.

إنفاق الأموال قد يكون سهلًا لمن لديه المقدرة على ذلك، وقد يكون الإنفاق مجاراة شكلية لما يفعله الناس فالكل يتنافس أن تكون “ناصفته” مميزة حتى لو كانت مكلفة فقط لتنال إعجاب الآخرين.

ولكن لم يكن همنا إرضاء صاحب المناسبة، والسؤال عن أحواله وتفقد تاريخه للاقتداء بشيء من عطائه الحقيقي الذي لا ينتظر ثناء من الناس.

وإذا شئت معرفة أحواله فأوقف أي طفل أو حتى أي شخص في الشارع واسأله أن يروي لك قصة عن مولاه الحسن (ع) وإذا حار في الجواب فلا ألوم دموعك إن سالت في وقت مولد وفرح للعترة.

فيا شهر الله في يوم انتصاف أيامك بيوم بلسم الكريم لا زلت أسأل هل أنا في سُفرة من أخبارك أم في سَفرة عنها؟



error: المحتوي محمي