خالف هواك تنجح

دعاه أحد الأصدقاء لحفلة تخرجه وقبل أن يصل دار حوار بين الأصدقاء:
هل تتوقعون أن يكسر محمد خط الحمية التي بدأها؟!
قال الآخر: وهل سيصبر ويقاوم أمام هذا الطعام الشهي وهذه الحلوى الرائعة؟!
قال الثالث: هذه ليست أول مرة يبدأ فيها حمية، فهو بين فترة وأخرى يجرب حمية ولكنه يفشل في الاستمرار، أظنه سينهار أمام هذه الحلويات.
قال الرابع: مشكلة محمد أنه لا يقاوم هذه المناسبات، كان عليه أن يرفض الحضور حتى لا يفشل في حميته.

في هذه الأثناء دخل محمد، قال أحدهم: ما شاء الله يبدو أنك تتبع حمية قاسية.. لقد نقص وزنك بشكل ملحوظ..
قال الثاني: كم كيلو جرامًا نقص من وزنك؟!
قال صاحب الدعوة: بما أن محمدًا قد حضر فليشاركنا هذه المناسبة ويفتتح حفلتنا بتناول هذه القطعة من الكيك الفاخر.

نظر محمد مترددًا.. هل يخسر حميته في هذه اللحظة؟.. هل يستسلم لهذه الدعوات؟.. ماذا سيقول لاختصاصي التغذية الذي اتفق معه على اتباع النظام الغذائي مهما كانت الظروف؟، لقد اجتهد خلال الشهور الماضية وحقق جزءًا كبيرًا من هدفه.. هل يقع في مصيدة الحفلات؟.. رب قطعة كيك تكون بوابة لدمار شامل للحمية، إن قرار الموافقة على تناول هذه القطعة سيكون بداية السقوط.

بعد تردد قال كلمته: أشكركم على هذه الدعوة ولكن لن أتناول هذه الحلويات لقد قطعت عهدًا بمقاطعتها ولن أتخلى عن عهدي.. صفق له الجميع.. وقالوا كنا ننتظر تصرفًا سلبيًا، كنا ننتظر أن تهجم على هذه الحلويات هجومًا كاسرًا ولكنك نجحت في الامتحان.. استمر أيها البطل..
وهكذا قلت لأحدهم: خالف هواك تنجح في حميتك..

إن مخالفة الهوى واتباع تعليمات العقل ليس في الحمية فقط ولكن في سائر شؤون الحياة، فمن يخالف هواه ينجح كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): استرشد العقل وخالف الهوى تنجح (1).

لكي تتغلب على هواك يمكن اتباع النقاط التالية:
1) تفكر قبل أن تقدم: قال الإمام علي (عليه السلام): إذا قدمت الفكر في جميع أفعالك حسنت عواقبك في كل أمر (2).
2) الحذر من الأعمال الصغيرة فهي بداية للفشل: قد تكون نظرة خاطفة ولكنها نظرة المعصية، يقول الإمام علي(عليه السلام): أشد الذنوب ما استخف به صاحبه (3).
3) كن شجاعًا: قاوم رغبات نفسك، وهي “أصعـب أنواع المقاومة” وهي الجهاد الأكبر كمال قال الإمام علي (عليه السلام): ردع النفس عن الهوى الجهاد الأكبر (4).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): من ملك نفسه إذا غضب، وإذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، حرم الله جسده على النار (5).
4) الخوف الإيجابي: يقول تعالى: “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ” النازعات (40)
الخوف الإيجابي هو الذي ينأى بصاحبه عن كل الأعمال القبيحة، ويتمتع صاحبه بصحوة الضمير، وهو بكلمة أخرى “خشية الله” و”تقوى الله” وكلما ازداد هذا الخوف ازدادت معه فرص النجاح والفلاح. وكما يقول الإمام علي (عليه السلام): خف ربك وارج رحمته يؤمنك مما تخاف وينلك ما رجوت (6).


الهوامش:
1) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3480
2) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2462
3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – الصفحة 988
4) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3480
5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3485
6) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 1 – الصفحة 830



error: المحتوي محمي