من البحاري.. بعد أن صاحبت مواسم الدوخلة والجنادرية.. خشبيات محمد مغيص تستقر في «حرفيون 2»

بين أركان “حرفيون 2″، لم يكن يعرض خشبياتهِ فحسب، وإنّما يعرض من خلالها جزءًا كبيرًا من تعلّقهِ وشغفه بالأخشاب، وما يمكن أن يصنعهُ هذا التعلق بصاحبه حينما يجد الخشب والمنشار أمامه، فإذا كان هذا التعلق مرتبطًا بالقديم والتراث أيضًا فإنّك حتمًا سترى الكثير ممّا يبهرك من أعمال الحرفي ابن قرية البحاري محمد مهدي مغيص.

خشبيات محلّية تراثية مُبهِرة تميّز بها تراثُنا القديم الأصيل وأتقنتها يداهُ الحرفيّتان بعد أن جعل الخشب حياة مهنية تمخضت بين يديه فأنجبت صناديق مذهلة ودواليب وكراسي وألعابًا في غاية الاحتراف؛ حتى لكأنها صنع مصنع.

فراغٌ أصبح مهنة
بدأ “مغيص” علاقتهُ بالأخشاب قبل 23 عامًا، حيث عمل موظفًا في شركة نجارة على طريق بقيق، وزاول حرفة النجارة في أوقات فراغه، وقد دفعهُ لذلك تعلّقه بهذه الحرفة، ورغبته في زيادةِ دخل أسرته وأبنائه الثلاثة.

وعن دخولهِ لهذا العالم المُبدع، تحدّث “مغيص” لـ«القطيف اليوم» قائلًا: “في بداية دخولي لهذا العالم لم أجدْ مكانًا خاصًا بي لمزاولة مهنتي، لكنّني وجدتُ مكانهُ في دعم صديقيّ وأخويّ جاسم آل جعفر، وعلي عبد الكريم آل زيد اللذيْن دفعاني للاستمرار بكل أخوّة رغم الصعوبات التي لاقيتها والتحدّيات التي واجهتني، خاصةً لعدم توفّر مكان عملٍ خاص أنمّي فيه موهبتي وأرعاها، حتى أنتجتُ القطعة تلو الأخرى، وأصبحتُ أشارك في أغلب المهرجانات التي تقيمها المنطقة”.

خشبياتٌ تترى
أنتجَ “مغيص” قطعتهُ الأولى الخشبية والتي كانت عبارة عن كرسي خشبي صغير كان الخطوة الأولى في مشوار حرفتهِ، ومع الوقت بدأت التراثيات تترى في أعمالهِ بسبب تعلّقه بالماضي وكل ما يتعلق به، فصنعَ الصناديق والسفن التي تمثّل له رمزيات الطيبين، فتطوّر مشروعُه عن بدايته بما اكتسبه من خبرات وتجارب، وابتكر بذاتهِ ما أنطق الأخشاب وحوّلها إلى ألعابٍ خاصة بالأطفال من سيارات وباصات خشبية.

الزان والآراك
يستخدمُ “مغيص” في عملهِ الأنواعَ المختلفة من الأخشاب التي تتطلّبها كل قطعة في ورشتهِ، من خشب الزان والماهجوني والآراك من الأشجار الطبيعية لكتابة الآيات ونحتها، وكذلك جذوع الأشجار من الكافور والكنار وغيرها.
وتتركُ أعمال “مغيص” أثرها المُستحسن بالإعجاب والإشادة عندَ من يراها ويتأمل دقتها، فالأعمال اليدوية الخشبية تُصنع بحبٍ وجُهد وقوة وتأنٍ وبصورة مختلفة، بل هي أفضل من المصانع كما يراها، وهذا ما يجعلها مُبهرة في عين رائيها، وهي تتطلب منه أجواءً خاصة يحوطُها التفكير والإصرار والدقة؛ لإنتاج القطعة المطلوبة كما يتخيّلها الزبون.

ارتفاع وعزوف
يتلقى مغيص الكثير من الانطباعات الجيّدة من الناس لقطعهِ ويدوياته المختلفة، وورشته مليئة بالسيارات القديمة الخشبية التي يهوى صنعَها أكثر من القطع الأخرى، إضافة لتحف الحافلات والصناديق المختلفة، ويكثُرُ طلب زبائنه للطاولات والكراسي الشعبية مقارنةً بأعمالهِ اليدوية الأخرى، لكنّه يشتكي الآن من قلةِ الإقبال في وقتنا الحاضر وعزوفهم عن هذه الأعمال اليدوية المحلية؛ نظرًا لارتفاع سعر الخشب.

طموحٌ لمتحف
تقودُ الطموحاتُ “مغيص” أن يمنّ الله عليه ويستقلّ في منزلهِ الخاص، وأن يخصّص فيه جانبًا خاصًا يكون ورشتهُ الصغيرة لحرفياته وخشبياته المتعددة، ويعمل لهُ كذلك متحفًا تراثيًا يحتفظ فيه بقطعهِ الخاصة؛ ويحفظ من خلالها تراث الآباء والأجداد، وأثاث الماضي الأصيل.

مكانٌ ومشاركات
وصل ابن البحاري بأعماله الخشبية إلى دولة الكويت الشقيقة بمشاركته بإحدى المهرجانات، أما في المهرجانات المحلّية فقد بدأها بمهرجان الدوخلة الذي كان يقام سنويًا في عيد الأضحى منذ عام 1426هـ، واستمرَّ فيها طيلة مواسمه إلى حين توقف، وشاركَ كذلك في المهرجان السنوي “الجنادرية” في الرياض، إضافة إلى مشاركته في أغلب مهرجانات القطيف، وكان آخرها مشاركته في فعالية “حرفيون 2” التي نظّمها مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة القطيف، بالشراكة مع بلدية المحافظة، وجمعية التنمية الأهلية بالمحافظة، في حديقة الناصرة بمحافظة القطيف، والتي انطلقت يوم الأحد 4 رمضان 1444 هـ، واستمرت على مدى 10 أيام.




error: المحتوي محمي