وجوه في «حرفيون 2».. من الجارودية.. حسين الرمضان يجمع جيل الطيبين في «دكان زمان».. ويعرض مقتنيات عمرها 60 عامًا

ذكرياتٌ برائحة الطيبين يتنفسها بعمق في كل ركن ونافذة، جمعها في زوايا دكانه حيث كل مستلزمات البيت من المواد الغِذائية وغيرها التي عهدها في طفولته لا زالت عالقة في مخزون ذاكرته.. ألعاب وعلب وأدوات مختلفة يسافر بحثًا عنها رغم ندرتها، قِطع تراثية وشعبية أخذت بِشغاف قلبه مذ كان صبيًا صغيرًا.

يحتفظ في متحفه بالعديد من المقتنيات التي شكلت ذاكرةً للماضي، خصوصًا فترة السبعينيات والثمانينيات، تعددت الهدايا والكاميرات والألعاب لديه ليتحول بها لهاوٍ يجمعها ومعظم مقتنياته الأخرى من حلويات وعصائر وأنواع مختلفة من المواد الغذائية التي يعود إصدارها لأكثر من 40 سنة بل كان بعضها قبل أكثر من 60 سنة حسب تاريخ إصدارها، وقد حصل على معظم مقتنياته التراثية إما عن طريق المزادات أو من خلال المواقع الإلكترونية التي يتم فيها العرض والطلب للتراث القديم الذي يحرص عليه.

يسترجع ابن الجارودية حسين أحمد علي الرمضان ذكريات الماضي بحكاياها الدافئة مع «القطيف اليوم» ويكشف خبايا عشقه لتجميع القطع والأدوات والعلب القديمة واصفًا هذا العشق بالغرق في بحرٍ من الشوق قائلًا: “من يدخل عالم التراث يصعب عليه الخروج منه بسهولة لأنه يُحاكي حِقبة الطيبين وذكرياتهم”.

ويسافر بخياله بعيدًا حين يقول: “تأخذني إليها بشدة! كلما نظرت إلى قطعة قديمة تذكرت طفولتي ووالدي ودكاكين الحارة التي نشتري منها الحلويات والأجبان والألبان وطعمها الذي لا زال في حلقي ورائحتها التي في مخزون ذاكرتي”.

بدايات الدكان
تحدث الرمضان عن بدايته التي كانت عام 2016 عندما ذهب لمهرجان الدوخلة بسنابس في جزيرة تاروت وتحديدًا في القرية التراثية، هنالك انبثقت لديه فكرة حفظ الأشياء القديمة بطابعها الفني الأصيل فبدأ في شقته بتصميم جلسة شعبية بأرفف وديكورات تراثية، ومن حينها بدأت تتوسع فكرة التجميع للمقتنيات يشحذها تشجيع الأهل والأصدقاء وإعجابهم بها”.

مزادات
يصف الرمضان حضوره للمزادات في بداياته بالشيء الصعب وذلك لِبُعد المسافات من الخبر والظهران والدمام وغيرها من المناطق الأخرى، ناهيك عن تكلفة المشوار، ومنها قرّر بدء العمل الجاد من خلال مجموعات الواتس آب حيث سهلت عليه معرفة الأشخاص المهتمين بهذا المجال والأماكن التي تتواجد فيها القطع القديمة وأماكن المزادات المحلية حيث شارك فيها وسعى لتكون له تجربته الخاصة.

صعوبات شركات الشحن
ويضيف الرمضان: “تختلف الصعوبات في بداياتي باختلاف الظروف حيث كانت سابقًا شركات الشحن غير متوفرة في منطقة القطيف -كزاجل- فكان عليّ الذهاب عن طريق الميناء في الدمام، وهناك نجد كل شركة لها نظام يختلف عن الأخرى، فكانت الصعوبات متنوعة بين تكلفة الشحن والبنزين والشراء”.

وأكمل واصفًا: “مع كل هذه الجهود رغم التعب والمشقة فإنني كنت أشعر بالسعادة لحصولي على مقتنيات تفيد وتخدم التراث وتسعد المجتمع خصوصًا من عايش تلك الحقبة من الأيام رؤيتهم لها تذكرهم بالماضي الجميل”.

مشاركات تعاونية أخوية
وعن تجاربه الأولى يفصح الرمضان قائلًا: “بعض الفعاليات تطلب مبالغ كبيرة لتنفيذ بعض الأعمال الخاصة للمهرجان وهذا يكون فوق الاستطاعة، وفي المقابل بعض المهرجانات تكون فيها الأمور -بفضل الله- سهلة ميسرة بتكاتف الإخوة الأعزاء وتعاونهم ولا أنسى أخي وعزيزي شاكر الزاير بإنجازه بعض المهام ومساعداته لكل المشاركين في مهرجان البراحة 2”.

سرقات غير متوقعة
يستذكر الرمضان بعض الأحداث أثناء مشاركاته في بعض المهرجانات قائلًا: “هناك من يتوقع السرقة وهناك من لا يتوقعها وأنا من الذين تعرّضوا للسرقة حيث فقدت ما تكلفته تقارب 500 ريال أو أكثر، وتم العبث بالأغراض الأخرى وبعد تبليغ الشرطة والتحري عُرف الفاعل -والحمد لله- وتم تعويضي بمبلغ 270 ريالًا والتراضي والتسامح عن الشخص وبقية المبلغ”، وبأسفٍ يستدرك: “القطع التي تمت سرقتها كانت من أفضل القطع وأجودها لدي، وللآن لم أجد مثلها أبدًا فهذه تعد خسارة كبيرة”.

أهمية إبراز التراث
وعن أهمية إبراز التراث يفصح الرمضان قائلًا: “عندما أقوم بالبحث عن قطعة قديمة تحمل ذكريات جميلة من زمن الطيبين في قلوب الناس وأراهم يشعرون بالسعادة كذلك أنا من جهتي أستشعر بداخلي نفس الشعور لديهم لأنني شاركتهم فيها رغم التعب والجهد. عندما يأتي زائر للدكان يرتاح ويسعد وأرى على وجهه الابتسامة أسعد مثله، ما قيمة التراث عندما يكون في مكان مغلق دون عرضه للناس وإحياء الماضي من خلال المشاركات في المهرجانات المحلية وغيرها؟!”.

تشجيع الأهل والأصدقاء
يختلف شعور السعادة لديك عندما يشاركك شخص قريبٌ منك، هكذا يُعبّر الرمضان بكلماته مسترسلًا: “شكرًا لأهلي وأصدقائي الذين شاركوني منذ بداياتي وإلى الآن مستمرون في دعمهم لي. إنّ النجاح يحتاج إلى كلمات محفزة وتشجيع صادق نابع من القلب وهذا ما لاحظته من أحبتي بوقوفهم معي وتشجيعي على الاستمرار”، ويؤكد: “عندما تؤمن بشيء تحبه فأنت حتمًا ستصل إليه”.

متحفٌ مختلف
أما عن إنجازاته فيتحدث الرمضان معتزًا بصديقه المحب شاكر الزاير صاحب العبارات الجميلة -على حد وصفه-: “عباراته لا زالت عالقة في مسامعي عندما قال: كم متحف يوجد في المنطقة! ولكن ليس كوجود وقوة ظهور (دكان زمان) حسين الرمضان استطاع أن يحقق شغفه وهدفه بمشاركاته المجتمعية في فعاليات القطيف وأسعد الناس برؤية المقتنيات القديمة جدًا”.

قطع ثمينة ونادرة
ويشير الرمضان إلى أن حصوله على قطع نادرة ليس بالأمر السهل، والبحث عنها أصعب وأصعب، كذلك الدخول للمزادات مغامرة تحتاج قوة تحمل من جميع الجوانب. ويقول: “إن الحصول على المقتنيات وإبرازها للناس كتحفة فنية نادرة يجعلني أكثر همة وإصرارًا وسعادة لأقدم للمجتمع شيئًا جديدًا”.

سلبيات وإيجابيات
ويكشف الرمضان متأسفًا من خلال تجربته في مشاركاته بالفعاليات أن هناك بعض المستثمرين ببعض المهرجانات يطالبون بمبالغ استئجار تحرم (دكان زمان) من المشاركة وتحرم الجمهور من المتعة والترفيه والذكريات لعدم القدرة على توفير المبلغ، وقد حصل معه مرتين أن حرم من المشاركة لهذا السبب.

طموح.. ورسالة للمسؤولين
ووجه الرمضان رسالته للمسؤولين بأنه والحرفيين كافة يطمحون لعمل سوق خاص للحرفيين بالقطيف وأن يكون مكانًا مركزيًا ثابتًا ومهيأً ليكون مقصدًا للسياح حيث يكون لكل حِرفي دكان خاص بأدواته ومقتنياته للحفاظ على التراث الوطني والثقافي”.

مشاركات محلية
وتعددت مشاركات الرمضان المحلية في كثير من المهرجانات سواء داخل محافظة القطيف أو خارجها.

ويشارك الآن في فعالية (حِرفيون 2) المقامة في حديقة الناصرة، بتنظيم مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة القطيف، ورعاية محافظ القطيف إبراهيم بن محمد الخريف، بالشراكة المجتمعية مع بلدية القطيف، وجمعية التنمية الأهلية بحلة محيش والتي افتتحت يوم الأحد 4 رمضان 1444هـ وتستمر لمدة 10 أيام.




error: المحتوي محمي