بين خيال جميل وواقع أجمل

تستوقفنا الكثير من قصص الطفولة الرائعة التي صاغها الخيال الأدبي الخصب، لننتقل عبر محطاتها كمسافرين من الدرجة الأولى أو السياحية كلٌ بحسب الزاوية والرؤية التي يختارها، وكلٌ يظنُ أنه لا يُجانب الصواب فيما توصل إليه.

ومن القصص التي أحببتها كفتاة في مقتبل العمر قصة سندريلا. كنت أحلم أن ألبس فستان الأحلام وأن أمتطي جوادًا أبيض يسير بي إلى أرض السعادة التي تنقلني من واقع جميل إلى خيال أجمل.

انتظرت وانتظرت.. وبقي الواقع كما هو يتأرجح بين الفرح والحزن.. وبقيتُ أنتظر الأجمل.. لكن صفعات الدهر.. وقسوة الأيام أيقظتني من حلمي الجميل لأرى بوضوح قسوة العالم..

ولم تعد أحلام السندريلا عندي إلا قصاصات ورق اجتمعت.. وصور مرسومة خطتها فرشاة فنان لتبشر بمستقبل جميل لا يلوح لي في الأفق..

إلى أن قررت أن أبحر عبر كتاب يرسم لي واقعًا أجمل.. فالقراءة كانت دائمًا مركبي الذي أتلذذ البقاء تحت فيئه..
وبما أني في شهر رمضان المبارك فقد قررت أن أعيد اكتشاف بعض آياته التي طالما مررت عليها مرور الكرام.

فتحت المصحف الشريف.. وكأني أكتشف كنزًا مخبوءًا ليس له أول ولا آخر..

فاكتشفت أن حكاية سندريلا ليست خيالات أدبية محضة.. بل هي واقع يتجدد.

ترى أصنافًا من البشر معدنهم أصيل يعملون الخير مع من يُقَدِّر ومن لا يُقَدِّر.. يَصْفعهم ظَلام الواقع ولكن فطرتهم النقية تُرْجِعهم لنقطة البداية ومهما حاولوا أن يلبسوا جلودًا غير جلودهم فإنهم عند أول فرصة ينتزعونها ليتباهوا بجلودهم الطرية المتلألئة محبة وعطاءً.. ومهما تنمر عليهم المجتمع وحاول أن يتسلق فوق ظهورهم فلا بد من لحظة انجلاء للحقيقة.. ليأخذوا مواقعهم التي تليق بهم.

تعلموا أن الحجر الذي يمرون عليه يَتَخِذونه سلمًا للمعالي بعد أن كان حجر عثرة في طريقهم..

تعلموا أن أبسط الأعمال الطيبة والصالحة وأحقرها ولو بحجم حذاء سندريلا.. ستكون يومًا ما شارة لنجاح يستحقونه بعد تغافلٍ و صبرٍ وكفاحٍ.. ليصلوا إلى فوق ما يتمنون بعد أن ركزوا نظرهم تلقاء المستقبل وشغلوا أنفسهم عن المحبطين.. والمتنمرين مستذكرين قول الله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين).



error: المحتوي محمي