جزيرة تاروت نموذج للسخاء

نعيش في هذا الشهر العظيم الروحانية الإلهية المباركة، شهر رمضان، شهر الإيمان الخالص والعزيمة الصادقة والوفاء والتسامح والذي هو عنوان للخير بأوسع أبوابه وفي أجواء صافية من الدعاء والتفاؤل والطمأنينة.

في هذا الوقت الرمضاني السعيد، ونظرًا لما لمسناه كغيرنا على أرض الواقع وبالفخر والاعتزاز بالإنجازات الكبيرة لعدد من أعمال الخير وما هو مخطط ومعد في المستقبل القريب من أوجه الخير بإذن الله تعالى، عندها لابد أن نتذكر إن حالات العطاء والتواصل الإنساني والتلاحم الاجتماعي والعمل الخيري والتطوعي بدافع “عمل الخيرات” وبدافع سلوك التكافل والتعاون والارتقاء، لا شك أن هذه العوامل والتي تمثل عنوان “الخير والنماء للمجتمع” لها أثرها النبيل والإيجابي، وتلقي بظلالها الجميل على تعزيز وتشجيع الجميع بالمشاركة المجتمعية والتسارع لعمل الواجب الديني تجاه المجتمع، وهي ثقافة الإبداع والتميّز بعمل الخير وبذل الغالي والنفيس من جهد ووقت ومال وبكل رضاء وحماس وسخاء، وشعور من الوعي المتكامل وفق المبادئ والقيم الإنسانية المشرّفة، ومن خلال الجوانب الحياتية والمعيشية المتعددة والتي منها، تقديم المساعدات للفقراء والأسر المحتاجة وتقديم الدعم الخيري والإنساني والاجتماعي المتنوع، من خلال الجمعيات الخيرية بجزيرتنا المعطاءة، والمساندة في التنمية والبناء، لدور العبادة من المساجد ودور الذكر الحكيم، والمراكز الصحية والإسكان والنوادي الرياضية والمنتديات الثقافية وغيرها الكثير، هذه الأعمال والعطاءات الجبارة، إن السر الحقيقي في نجاحها، هو السعي الخير والنبيل من المتبرعين الكرماء ومن المتطوعين المخلصين القائمين عليها بكوادرها الواعية، وهو إحساس بالمسؤولية بأجمل صورها، وبالإقناع الذاتي تحت أجمل الأشياء في القيام بفعل أوجه الخير باستشعار إنساني وأخلاقي، وهو أن ترى الفرح والسعادة على وجوه من فعلت لهم الخير، كما أن فعل الخير هو أفضل العبادة التي يقدمها الإنسان.

تاروت الجزيرة التاريخية العريقة، والتي تطل على الساحل الشرقي وهي تعتبر من أهم المعالم التي تشتهر بها المنطقة الشرقية، وقد وصفت بأجمل الأوصاف والأقوال منها على سبيل المثال، ما جاء عن الكاتب “السعودي الموقّر” عبد الحليم فطاني بمقاله الشامل الوافي بعنوان: أكبر وأقدم جزيرة في المملكة ”تاروت” لؤلؤة الخليج – (كلؤلؤةٍ تتدثر بالهدوء والجمال وسط محّارة، تحفّها النسائم بشذى التاريخ، وتمايلها الرياح كنخلةٍ باذخةٍ كي تجود بخيرها ودلالها، تضرب برجلها في عمق التاريخ، وتتسامى بحضارتها بين المدن الحديثة. هكذا هي جزيرة تاروت بما يحمله اسمها من دلالات الخير والنماء) مما يكشف للجميع، جمال أهاليها القاطنين فيها منذ القدم بجذورها اللغوية الأصيلة وبالثقافة الأدبية السامية.

تاروت ذات التاريخ الأثري الموغل منذ القدم، وهي معرفة من أقدم المدن التاريخية، يقدر عمر إنشائها بـ(5) آلاف سنة قبل الميلاد، حين استوطنها مزيج من العشائر الكنعانية والفينيقية، وتعد تاروت، متميّزة بكل جدارة في العطاء الخيري والتطوعي، والشواهد كثيرة، فهي تحتضن العديد من البلدات القديمة المعروفة بتاريخها الشامخ، والأحياء السكنية الجديدة المتطورة والجذابة، في ربوعها عدد من الجمعيات الخيرية والتنموية، تسكن الديار الكثيرة العوائل الموقرة، فمن الأعمال التي كانت ومازال البعض منها نبراسًا للعمل الخيري والتطوعي، الطبق الخيري والذي عادة يقام في شهر رمضان المبارك من كل عام، وكذلك مهرجان بستان تاروت الذي غطى ذكره جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة وفاق زائروه 30 ألف سائح، وكذلك مهرجان الزواج الجماعي وفي المجال الرياضي بجزيرة تاروت دورات خيرية متواصلة يعود ريعها للأعمال الخيرية مثل “دورة الزواج الخيري” والتي عمرها 19 سنة لدعم المقبلين على الزواج من الفقراء “دورة كافل” عمرها 25 سنة، لدعم الأيتام وعدد من الفعاليات والأنشطة ذات الطابع الخيري والتطوعي على مدار العام.

نرفع في هذا الشهر الكريم، خالص الشكر والعرفان إلى كل من قدم وساهم ومازال يبذل يد العون والمساعدة بسخاء، ونخص بالذكر الشخصيات البارزة والأشخاص الذين قدموا الخير بروح عالية من العطاء والإخلاص والوفاء، وهم من الأهالي الكرام بجزيرتنا الغالية، كما نقدم جزيل الشكر والتقدير، إلى جميع أهالينا الأحباء كبيرًا وصغيرًا، أعدادهم المباركة والمتنامية يومًا بعد يوم، تلك الأيادي السخية المحترمة “رجالاً ونساءً” من الشخصيات المجتمعية المرموقة، الغنية عن التعريف بعملها الخيري والإنساني للناس وسيرتها العطرة وطيب أخلاقها وتواضعها المعهود.

نسأل الله عز وجل، للجميع الأجر والثواب الكبير، وأن يزيدهم من فضله ونعمه وأن يمن عليهم بالخيرات والمسرات والصحة والعافية وطول العمر، وأن يجعل كل ما قدموه وما يقومون به في ميزان حسناتهم وأجرًا وثوابًا لوالديهم ونجاحًا وتألقًا وتوفيقًا لهم ولأسرهم إنه سميع مجيب الدعوات.



error: المحتوي محمي