مزحوم؟!

24 ساعة، 1440 دقيقة، 86400 ثانية، كلها تعني ما يحتويه يوم واحد من أيامنا من وحدات الوقت الأقل منه، وأعتقد أنه لم يخطئ من قال “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”، لأني أحسب أننا نعيش حربًا مع الوقت.

إما أن تكون حربًا باردة بطول الفراغ فيها والذي نستجدي ملأه بكل مفيد، أو تكون حربًا ساخنة لا وقت فيها للطعام والمنام وحتى الجلوس مع النفس.

مهلًا مهلًا هل هناك حقيقة لما نقوله، إننا ليس لدينا وقت لحك رؤوسنا في حرب الوقت؟

أعلم أنه كناية عن الازدحام بالمهام ولكن بالطبع هناك مجال لحك الرأس وإيجاد ثغرة لوقت نستطيع سدها وملأها بما نريد إذا كنا نريد حقًا.

كم وكم من الأمور كنا نعتقد أنه ليس لدينا وقت لحضورها أو القيام بها ولكن حين بدأنا التعود عليها صارت أوقاتنا تنصاع لإفساح مجال من الوقت لمن كان لا وقت له.

مثلًا القيام بالرياضة نتعلل أحيانًا بعدم وجود وقت لها وهي لا تُلزمنا بحضور نادٍ رياضي أو حتى الذهاب لممشى أو مخطط للمشي بعيدًا عن منزلنا، فيكفي وجود مساحة بسيطة للمنزل للقيام بعدة تمارين حيث مقاطع اليوتيوب تنتظر من يستخدمها ويستفيد منها لهذا الأمر.

لدي أخ كان يعتقد أن لا مجال للرياضة مع وقت عمله الطويل لأنه ذو فترتين مع يوم إجازة يتيم، لكنه مع التعود بات يذهب للنادي ولو في أيام منفصلة حتى غدت الرياضة جزءًا من عاداته التي جرت معها عادات غذائية أخرى.

نحن نعتاد على الشيء ونستبسطه بعد أول خطوة ثقيلة ثم تبدو الخطوات التالية بسيطة تباعًا، فقط علينا التجربة ومحاولة تحدي النفس في كل أمر نستصعب القيام به أو الابتعاد عنه.

وأيامك يا شهر الله أفضل معين لاكتساب أي عادة جديدة كنا بعيدين عنها فمثلًا ختم القرآن الكريم إذا توزعت القراءة خلال الفرائض الخمس فيسهل ختم القرآن مرة أو مرتين إذا كنا نمارس عادة التلاوة باندماج وسنسترسل فيها وربما نرتقي أكثر حين نتأمل ونتدبر آية وقعت عيوننا عليها ونحسبها رسالة إلهية جاءت لنا خاصة.

حتى في مجال العادات الصحية التي تُعد أيامك ربيعها لأنها تغدو فيك أسهل مما يتصور البعض خاصة مع وجود الكثير من المغريات والعادات غير الصحية في تناول بعض الأطعمة العالية في سعراتها أو تحميل المعدة جهدًا بتعدد الأصناف الداخلة عليها، ففرصة التغيير للأفضل راجحة أكثر.

أعود وأقول الوقت فيك مُبارك بعكس ما نعتقد أنه مملوء ومزدحم فقط علينا بنظم أمرنا حتى نستطيع الوفاء بحق أيامك ولياليك وأن ندرك أننا جالسون على مائدة الضيافة وعلينا التزود منها بأكبر وقت ممكن لأخذ أعظم ما يمكن الحصول عليه من بركات هذه الضيافة.

هنا يأتي سؤالي لك في اليوم الثالث منك هل أنا في سُفرة مزدحمة بالبركات أم في سَفرة مزدحمة بالأماكن؟



error: المحتوي محمي