يومًا أو بعض يوم!

أيها القارئ الكريم والقارئة الكريمة طار من شهر رمضان أربعةُ أيام! هل لاحظتم سرعة مرور الساعات والأيام والسنوات؟ كنتم بالأمس أطفالًا تلهون وتمرحون ساعةَ الإفطار في شهر رمضان والآن أحفادكم أخذوا دورَكم في الحياة، أليس كذلك؟

منذ أن أبصرنا نور الحياة، ومن قبلنا ومن بعدنا من أجيال، شهر رمضان أجمل أوقات مسلية للأطفال، وكأن الطفل الذي لا يحب اللعب والمرح لم يخلق بعد! كل الأطفال دون استثناء يغويهم ويستَهويهم اللعب في أوقات تجمع العائلة، فلا نجد إلا طفلًا يجري وثانيًا يبكي وثالثًا يزعج، هكذا هي تسلية الأطفال الصغار، أما من هم أكبر قليلًا فيحاولون التدرب على فريضة الصوم باكرًا، مسايرة للكبار.

طبيعيّ ومهم جدًّا لصحتهم أن يجد الأطفال الجوّ المفعم بالفرح والمرح في أول سنوات حياتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “لاعب ابنك سبعًا، وأدّبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبلَ على الغارب”، وهذا الحديث تؤيّده التجارب والحقائق العلمية.

تتسرب التسلية إلى عالم الكبار بشكلٍ خاطئ في ليالي شهر رمضان؛ جلسات، نزهات، واستضافات ليلة بعد أخرى. وبين سمر وحديث تمر الساعات الثمينة التي لن تعود. شهر رمضان فرصة للعمل الجاد، وغيره من الشهور أيضًا، إلا أن شهر رمضان وضع الله فيه خاصية القبول والنماء في ثواب الأعمال، فإذا كان النماء والزيادة بعشرات أمثاله في غير شهر رمضان فهو لا يحصى في شهر رمضان.

يومًا أو بعض يوم! هكذا قال القرآن عن مدد زمنية أطول من عمر الإنسان بكثير فماذا عن سبعين سنة، أقل وأكثر؟ هي فعلًا مثل ظل طائر مر سريعًا فوق رأس إنسان! خذ منها ثلثًا للنوم والراحة، وثلثًا للمعاش، ثم الأكل والشرب واللهو، فكم بقي؟ إن صفا لك من الستين أو السبعين سنة يوم واحد – أو بعض يوم – فأنت من المحظوظين!

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أن نوحًا عليه السلام عاش ألفي سنة وثلاثمائة سنة منها ثمانمائة وخمسين سنة قبل أن يبعث وألف سنة إلا خمسين عامًا وهو في قومه يدعوهم وخمسمائة عام بعدما نزل من السفينة ونضب الماء فمصّر الأمصار وأسكن ولده البلدان ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال: السلام عليك فرد عليه نوح عليه السلام وقال: ما جاء بك يا ملك الموت؟ قال: جئتك لأقبض روحك، قال، دعني أدخل من الشمسِ إلى الظلّ فقال له: نعم، فتحوّل ثم قال: يا ملك الموت كل ما مرّ بي من الدنيا مثل تحويلي من الشمسِ إلى الظلّ فامض لما أمرت به فقبض روحه عليه السلام.

غاية المرام: إذا كانت آلاف السنين مثل التحوّل من الشمسِ إلى الظلّ، فكيف إذن بالسبعين سنة، أقل أو أكثر قليلًا؟! لعلها نبضة قلب واحدة أو دونها!



error: المحتوي محمي