غيّب الموت في بلدة الجارودية بمحافظة القطيف، الأربعاء 30 شعبان 1444هـ، البطل العالمي في البوتشيا ولاعب المنتخب السعودي خليل عيسى خليل إبراهيم دعبل، في أحد مستشفيات المنطقة، بعد حياة حافلة تجاوز فيها الكثير من التحديات والظروف الصعبة والقاهرة.
الفقيد البطل خليل دعبل صاحب قصة نجاح ملهمة؛ حيث كتب له القدر حياة مختلفة عما يتوقعها، حينما كان متوجهًا لعمله كموظف في مدارس التهذيب الخاصة لتسقط سيارته في منحدر مائي إثر تجاوز خاطئ من سائق سيارة أخرى قرب بلدة حلة محيش.
حدث ذلك عام 2007، حيث بقي حينها عاجزًا في وسط سيارته كما روى قصته سابقًا في أحد اللقاءات الصحفية، منذ الصباح وحتى الظهيرة في ذلك السد الزراعي، وصادف حينها مرور أحد المزارعين عند موقع الحادث بعد الانتهاء من عمله في مزرعته متجهًا لأداء صلاة الظهر، فانتشله من نافذة سيارته. وزاد بالقول: “بقيت في غيبوبة لثلاثة أيام، ولم أصحُ إلا وأنا على كرسي متحرك”.
ووصف دعبل حينها حالته قائلًا: «شعرت بعدم الإحساس بالأطراف السفلية، لتبدأ رحلة العلاج ما بين المملكة والتشيك، فقد كان رد المستشفيات سلبيًا لانقطاع الحبل الشوكي، ومن ثم كانت هناك مراسلات مع مستشفيات الهند التي وصلت إليها بمعية شقيقي محمد، لكن الرد لم يختلف أيضًا بعد الاطلاع على التقارير ومعاينتي».
وبعد الرجوع من الهند بدأت قصة بطل غرب آسيا الملهمة، حيث لم يتسرب اليأس إلى داخله، فتحوّل إلى شخص مفعم بالحيوية والنشاط وطرد أي شعور سلبي قد يؤثر على مسيرته، وقرر البحث عن رزقه من خلال افتتاح محل صغير لتقديم المشويات للزبائن ثم توسع فيه، وبعد أن اطمأن على نجاحه قرر افتتاح محل لبيع الحلويات والمكسرات، ثم توسع المشروع وأصبح مشهورًا في بلدته الجارودية والمناطق المجاورة، واستغل دعبل مساحة خالية أمام منزله واشترى بعض الألعاب الترفيهية للأطفال لتحقيق عوائد مادية من وراء ذلك، مبينًا أنه يرغب في توسيع نشاطه التجاري الصغير وتطوير العمل في المشروع الترفيهي المتواضع.
وعن قصة اتجاهه للمجال الرياضي كلاعب، قال الفقيد: «كان من المصادفة أن ألتقي المدرب محسن آل إسماعيل في العام 2017، والذي اطلع على قصة إعاقتي وطلب مني لعب البوتشيا، فرفضت في بادئ الأمر، ومع إصراره وافقت وتدربت بعد صعوبات في البداية، خصوصًا أنني كنت أمارس لعبة تنس الطاولة بنادي المحيط قبل الحادث».
وآمن دعبل إيمانًا حقيقيًا بطموحاته وأهدافه، وهو شعور نابع من الثقة بالنفس وبالله، ساعيًا لمواجهة الظروف، راضيًا بقضاء الله وقدره ليطرد الإحباط ويرفض اليأس ويتخطى العقبات مهما كان حجمها وتأثيرها.
وأضاف دعبل: «استصعبت الأمر في أوله، لكن المدرب والمحاضر الدولي آل إسماعيل حبّب إلي اللعبة وأشعل فتيل الإنجازات بحصولي على لقب بطل أندية غرب آسيا في العام 2018 في الأردن، وتوالت الألقاب ومنها بطل المملكة في فئة BC4 لأربع سنوات متتالية، وآخر تلك الإنجازات الميدالية الذهبية في دورة ألعاب غرب آسيا الثالثة في البحرين».
وذكر دعبل أن وضعه الصحي شكّل تحديًا كبيرًا، وقال: «نجحت بنسبة بلغت 70% رياضيًا، والهدف القادم هو كيفية الوصول إلى العالمية ورد الدين إلى وطني وأسرتي والنادي».
وأشاد دعبل بالدعم الذي توفره وزارة الرياضة السعودية واللجنة الأولمبية السعودية، مؤكدًا أنه يحب خوض التحديات والخروج منها منتصرًا ومنجزًا.
وعن الوصول إلى العالمية، قال دعبل: «أتطلع إلى غدٍ مشرق دائمًا بالتغلب على جميع العوائق نفسية كانت أو بدنية وحتى المادية بالمثابرة والمغامرة؛ لأنني أمتلك الإصرار والثقة، وهما من أهم عوامل النجاح ومحاربة اليأس».
«القطيف اليوم» التي آلمها نبأ وفاة الفقيد، تتقدم بأحر التعازي لذويه وتسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.