ماذا عساي اليوم أن أكتب عنك وقد مضى على غيابك عقد بل دهر من الحنين والحاجة إليك قصوى يا أمي!
كيف أهنئك وأحتفي بك في يوم عيدك! وأنت من احتويتيني واحتويتِ أولادي وليت حفيداتي قد نلن بعضًا من احتوائك!
وكم أنا حزينة لعدم وجودك بيننا! أنا ابنتك يا فاطمة الحياة وأنت ملهمتي دومًا ولقد علمتيني كيف أجيد الصبر وأتقن الصمت! بل تعلمت من خلالك الحلم والكرم، حتى أصبحت جزءًا من تكوينك ومثالًا لشخصك أيتها الأيقونة والأسطورة يا فارعة الطول والحزن يا أمي، والتي ألمحك في كل شيء جميل وأجدك بين سطوري تبتسمين! وكم يدهشني صبرك وتوازنك، ولا يزال صوتك الحزين يا أمي يحاكيني عندما أحتاجك! كم أنت حاضرة رغم غيابك الذي طال يا أمي!
أذكرُ من أيام ِطفولتي أنني كنت أسمعك يا أمي تخبريني أن ملائكة السماء عند موت أحدنا تحلّق بنا إلى السماء وعن طريق أمهاتنا نصل للجنة! أتخيلك هناك سعيدة مع أشقائي الذين رحلوا! لكن آه يا أمي لقد نسيتِ أن تقولي لي كيف أتغلب على وجع رحيلك، وكيف أتعوّد على فراقك وهل هناك طريقة احتمال الحياة دونك! أي غياب هذا فقد استنزف قلبي! بين حين وحين أشم رائحة ملابسك وأذرف دموعًا أعجز عن تفسيرها!
أتذكر كتبت جملة عند رثائي لأمي عام 2012: “تعال يا زمن واقرأ عليّ آيات الصبر وبخرني ببخور الإيمان واغسلني بماء زمزم لعل قلبي يهدأ ولا قدرة لي للصبر”. ومازالت ذات المشاعر تستنزفني.
فلابد للقارئ الكريم أن يعرف أن أمي الراحلة كانت سخية النفس حزينة القلب مكسورة الخاطر، وكأن الموت يختار أجمل الأرواح. كم أحتاج من ورد لأنثره على قبرك يا أمي، وكم من التراب سأنفضه من على قبرك، لعلي أرى ملامحك الأخيرة الفائضة بالوجع والعالقة في ذاكرتي.
حقًا أنا متعبة الآن، ولعل إحساسي هذا يأخذني إلى شقوق قبرك، صارخة: خذوني إليها لحاجتي الشديدة لحضن أمي. كل عيد وجميع الأمهات في نعيم الجنة، وكل لحظة وجميع الأمهات الباقيات ينعمن باحترام وتقديس من أبنائهن وبناتهن وليس فقط في يوم عيد الأم.