أكدت اختصاصية النطق والتخاطب مروى آل مرار، أنه من المهم جدًا تجنب الانفعالات التي تجعل سلوك الطفل التوحدي أكثر عدوانية؛ لأنها تزيد من صعوبة الوصول إلى نتائج مُرضية عندما يواجه الطفل صعوبة في التواصل مع الآخرين أو يشعر بالملل أو الضجر، أو الجوع، أو الخوف وقد تكون لديه مشكلة صحية لا يعرفها الوالدان؛ لذلك يجب على الآباء البحث عن وجود الأسباب لمعرفتها.
وبينت أنّ بعض علامات اضطراب طيف التوحد تظهر على الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل قلة الاتصال بالعين أو عدم الاستجابة لاسمهم أو عدم الاكتراث لمقدمي الرعاية، مستدركةً أنه قد ينمو أطفال آخرون بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من عمرهم، لكنهم يصبحون فجأة انطوائيين أو عدوانيين أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها بالفعل فتنشأ لديهم بعض الصعوبات؛ كفقدان سلامة التعبير أثناء الكلام وطلاقة اللسان لذلك نرى أنه كلما زادت اضطرابات اللغة لديه قلّت مهارة استعمال اللغة اللفظية.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي نظمها نادي الساحل الرياضي في مدينة عنك بعنوان “طرق التواصل مع الطفل التوحدي” وقدّمتها اختصاصية النطق والتخاطب مروى آل مرار، يوم الخميس 24 شعبان 1444هـ.
وعرّفت “آل مرار” -خلال حديثها- اضطراب طيف التوحد بأنه اضطراب نمائي شامل يُصيب الأطفال في بداية العمر، يؤثر في الأنشطة العقلية والتفاعل الاجتماعي مع وجود صعوبات في التواصل معهم، وانزعاج من أيّ تغيير في روتين حياته.
وبينت أنّ الكلام لدى الطفل التوحدي يمثّل واحدة من وسائل المحاكاة الرئيسة، كما أنّ اللغة المنطوقة عند الطفل ذي اضطراب طيف التوحد تتسم بفقر الحصيلة ومحدودية الاستعمال، مما يُضعف كلامه التلقائي، موضحةً أنّ الكلام التلقائي هو عبارة عن ما يمتلكه من عدد الكلمات التي يستعملها للتواصل مع من حوله.
وعددت أشكال اضطرابات اللغة اللفظية لدى التوحدي منها؛ اللغة المجازية، والاستخدام العكسي للضمائر، واضطراب مكونات اللغة، قائلة: إنّ تطور المفردات اللغوية قد يكون سريعًا في بعض الحالات فنجد أنّ الكثير منهم يكون لديه قدرة كبيرة على تذكّر كلمات بصورة جيّدة قبل عمر خمس سنوات، لكنه لا يستطيع أن يظهر فهمه لها، بينما توجد فئة أخرى منهم يمتلكون موهبة في أداء العمليات الرياضية.
وأضافت “آل مرار” أنه بحسب نوع الحاسة التي يعاني منها الطفل سواءً بالضعف أو بارتفاع مستوى الحاسة، هنا يحتاج الطفل لتأهيلها ومعالجة السلوكيات التي تسببت في اضطرابه وتوتره، مشيرةً إلى إمكانية اختلاف مستوى الحواس من طفل إلى آخر، كما يختلف مستوى التواصل السمعي، وهناك من الحالات التي لا يستمع فيها الطفل لما حوله مهما حاول الطرف الآخر.
وذكرت أنّ التقييم واختيار الأهداف للبدء في مرحلة التدريب للطفل التوحدي من المهام الأولى التي يعتمد عليها في علاج السلوكيات الناتجة عن الاضطراب، وفي هذه المرحلة تطرح تساؤلات بغرض التعرف على وضع الطفل حاليًا ما هو؟ وهل يتابع في إحدى المراكز اليومية أو الإلكترونية للتأهيل أو هو غير ملتحق، وهل حصل على تشخيص أم لا؟
وتطرقت إلى خريطة المهارات التي من خِلالها يتم تقييم الطفل التوحدي مهاريًا وسلوكيًا، والتي يجب أن يكون فيها تدريب على المهارات الأساسية، الاستقلالية، والأكاديمية، وذلك بالتدرج حتى يعتاد الطفل عليها.
وأوضحت جوانب القوة والاحتياج والضعف، حيث نوّهت بأنّ جوانب القوة يجب أن يحقق فيها الطفل التوحدي 80% وأكثر.
ونَفَت إمكانية التنبؤ بالاستجابة، حيث إن اضطراب طيف التوحد يؤثر على كل شخص مصاب به بطريقة مختلفة؛ فكل شخص يكون لديه نقاط قوة ونقاط تحديات تختلف على إثرها طريقة التدخل، وبالتالي يختلف مآل الشخص، فخطط العلاجات الحالية التي تقدَّم من فريق بمختلف التخصصات تتمركز حول تقليل وتخفيف الأعراض التي تحول بين الطفل وقدرته على إنجاز وظائفه اليومية وجودة الحياة حسب حالة كل طفل.
وذكرت “آل مرار” أنّ التعرض للشاشات الإلكترونية والأجهزة الذكية لا تسبب اضطراب طيف التوحد، ولكنها قد تؤثر على صحة الطفل بما يخص مهارات العضلات الدقيقة، والنوم، والسمنة، والتغيرات الكيميائية العصبية في الدماغ مثل: تقليل الإنتاج الخاص بالميلاتونين، والسلوك، وتطور اللغة، والتفاعل، وزيادة الحركة، وضعف التركيز.
ونصحت بالتأهيل التخاطبي للطفل مبكرًا أثناء سنوات ما قبل المدرسة، مؤكدة ضرورة إعداد برنامج مخطط ومصمم بصورة فردية بحيث يستهدف كلاً من السلوك والتواصل، ويتضمن كذلك الآباء ومقدمي الرعاية الأساسيين وأن يستهدف العلاج تحسين التواصل اللغوي.
واختتمت “آل مرار” حديثها بتوصية الآباء والمربين بمتابعة جلسات التأهيل التي يتم تحديدها من قِبل المختص، حتى يستطيع الطفل اكتساب المهارات المطلوبة والضرورية كمهارات التآزر البصري، ومهارات الانتباه المشترك والانتقائي، ومهارات الكلام وإدارة ضبط المحادثة واللغة الحوارية.