من الجمعة إلى الجمعة.. نقطتان بالخط العريض

نقطة أولى:
يحكى أن رجلًا كان يعيش في قرية صغيرة، وكان لديه بعض الدجاج، ولكنه في كل فترة يجد أن عدد الدجاج يتناقص، فنفد صبر الرجل وشكى إلى شيخ المسجد الأمر الذي أزعجه، وأنه لا يستطيع مع ذلك اتهام أحد من القرية بالسرقة لأن عدد سكانها محدود، فطمأنه الشيخ ووعده خيرًا.

في اليوم التالي، وعندما اجتمع الناس للصلاة، وأثناء الخطبة تحدث الشيخ عن الأمانة والسرقة، وفي نهايتها ذكر أمر السرقة التي حصلت، وقال خلال حديثه: “أتصدقون أن السارق يجلس بيننا وقد نسي إزالة الريش عن رأسه”، وفي هذه اللحظة ما كان من السارق إلّا أن وضع يده على رأسه ليتحقق من ذلك.
وهذه إحدى القصص المختلفة للمثل الذي يقول: “اللي على راسه بطحة يتحسسها”.

ما دعاني لذكر هذا المثل هو أنه بين فترة وأخرى تصلني إشارات بأني أقصد شخصًا أو مجموعة معينة خلال بعض ما أكتبه في مقالاتي أو مواقعي في السوشال ميديا، خاصة فيما يخص الشأن الرياضي أو الاجتماعي.

أسوق هذا المثل للتنويه بأنني لا أنفي ولا أؤكد ذلك، وليست مسؤوليتي أن ينسب أحدٌ ما أكتبه لنفسه، لأني -العبد الفقير- لا أذكر أحدًا باسمه إلا في حدود معينة جدًا بالدليل والبرهان، مع كامل الاحترام والتقدير. كذلك لم أتعود وليس من طبعي أن أوجه لأحد سبابًا أو إهانةً أو تعرضًا مباشرًا بأي شكل من الأشكال وبما يقلل من شأنه.

الكاتب حينما يكتب، فإنه لا يكتب عبثًا، إنما تدفعه لذلك أحداث مختلفة، تلهمه وتجعل الأفكار تتوارد لديه، فيدرجها في كتاباته بطريقة موجهة بلا شك، الغرض منها إيصال رسائل مختلفة تحكمها طبيعة الحدث، وفي المكان والزمان الذي يناسب ذلك، وبهذا هو يضرب على الأوتار الحساسة، ويصوب سهامه نحو مكامن الأخطاء التي يظنها، وليس بالضرورة يكون صائبًا في ذلك، لأنه مجرد رأي شخصي بحت.

لهذا نقول لأولئك الذين يظنون ما يظنون ألا يضعوا أنفسهم في مواضع التهمة، حتى لا يكونوا عرضة للقيل والقال، في الوقت الذي نعلم أنه حتى الإنسان الذي يمشي بجانب “الحيطة” على قول إخواننا المصريين لا يسلم من الهمز واللمز، حتى وإن عطس أو سعل أو تثائب، “والذي على رأسه بطحة يتحسسها”.

••••

نقطة ثانية:
من خلال متابعتني لبعض الخطباء الكرام سواء حضوريًا، أو بالمشاهدة والاستماع من خلال القنوات والإذاعات ألحظ ذكر بعضهم -حفظهم الله تعالى- قضايا اجتماعية حساسة أحيانًا لأفراد من الجنسين، سواء نقلت لبعضهم مباشرة أو استمعوا لها من شهود عيان أو خلافه، في وقتٍ لا يخفى على الجميع أننا مجتمع صغير نعرف بعضنا بعضًا وفي مختلف القرى والبلدات، وبيننا صلات وقرابات، وهو يصغر عن ذلك بكثير في وقتنا المعاصر بسبب التكنولوجيا، وأحسب أن عرض بعض الحالات ربما يسبب حرجًا شخصيًا يفاقم من أزمة المعني بالأمر ومعاناته، سواء رجلًا أو امرأة.

فلربما أن المبتلى نقل الأمر بالخصوص لهذا الخطيب أو ذاك لمكانته العلمية أو الفقهية ولكي يرشده للحل أو يجد له مخرجًا وحلًا، أو فقط يشكو حاله عنده، وليس من أجل النشر ، ونخص هنا النساء بالذات اللاتي يتعرضن للابتزاز من خلال زواج أو طلاق، والقصص هنا كثيرة، ومنهن من يعرضن ذلك بعفوية يساء فهمها، ومع الأسف أن بيننا من لا يحكمه شرع ولا عرف ولا ضمير، فيتلقف المسألة، ليتلبس دور الذئب الوديع، يتصيد الفرائس البريئة، فليس صعبًا على بعض هؤلاء ومن خلال السرد المفصل أن يعرف المعني أو المعنية بالاسم والعنوان، فينصب الحبائل للإيقاع بالفريسة المغلوب على أمرها أساسًا.

نعم إن كان طَلب الطرف المعني عرض الحالة من أجل الاتعاظ فذلك أمر آخر، رغم تحفظنا الشخصي على ذلك لأن بعض المشكلات تهم العائلة الأكبر بأكملها وليس الطرف المعني فقط، ولربما يعارض بعضهم أن تظهر المشكلة للعلن حتى لا تتدحرج وتنحو منحًى يساء فهمه فتكون المضرة أكبر على الطرف المعني.

نقدر للخطباء الكرام حرصهم على خدمة المجتمع من خلال المنبر ونثني عليهم كثيرًا لما يقدمونه من مختلف المواعظ والعبر والدروس التي لا غنى عنها ولمختلف الشرائح، ولكن نتمنى أن يكون هناك حذر وحيطة في بعض ما يطرحون خاصة في الجانب الذي عرضناه.

وقفة: روائح شهر رمضان الكريم تفوح من مداخن البيوت بشذى الطاعات والمثوبات، اللهم بلغنا وإياكم صيامه وقيامه، آمين يا رب العالمين.



error: المحتوي محمي